ومقر حكمه وزينة دينه وأعلام يقينه وأول عين هي عين التصديق والعين الثانية هي عين العدل والتحقيق والعين الثالثة هي عين النور والحياء والتوفيق والعين الرابعة عين العلم والتشريق فعين التصديق لصديقه وعين العدل لفاروقه وعين الحياء لصهره ورفيقه وعين العلم لأخيه وشقيقه فانظروهم بعين التبجيل والوقار وأكثروا لهم الدعاء والاستغفار فأنا الذي قلت فيهم * (الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار) * فلما علم شوجوان كلام ورقة بن الصامت لم يرد عليه جوابا ولا أبدي له خطابا غير أنه عرف الحق فكتمه ولم يزل شوجوان في الدير حتى أخذ المسلمون حلب فانتقل إلى اشفكياص فاستوزره قال فلما استشاره في أمر يوقنا قال له اعلم أيها الملك أن يوقنا من الملوك وأبناء الملوك وقد قرأ الكتب وأخوه كان أفضل منه في الدين وقد صحب هؤلاء العرب واطلع على سرائرهم ونظر إلى دينهم وربما أنه علم عند النظر أن دين المسيح أفضل من دين هؤلاء العرب وقد هرب من أيديهم إليك فإن كان الرجل قد أتى بغير حمل ولا ثقل فاعلم أنه هارب من القوم إليك فيجب عليك أن تخرج إلى لقائه وتعظم شأنه وترفع مكانه فلما سمع اشفكياص ذلك خرج بعسكره للقائه وبقي الوزير في القلعة قال فسمعت ابنة يوقنا أن أباها قد أتى فنزلت تسبح فس سرب لها تحت الأرض مع جواريها وخدمها وقصدت القلعة الثانية فوجدت اشفكياص قد خرج للقاء أبيها والوزير شوجوان في مرتبة وزارته فقام إليها وصقع بين يديها وخدمها فجلست تتحدث معه فقال لها خذي على نفسك الحذر فان الملك قد خرج وأخاف أن يبطش هذا اللعين بأبيك وأعلمي أنه ما تبع هؤلاء العرب الا وقد تحقق عنده أن دينهم الحق وقولهم الصدق فقالت له الجارية فما تقول أنت في دين القوم قال هو والله الحق والدين الصدق واني كنت كاتم هذا السر فلما سمعت ذلك تبسمت وقالت والله لقد رضيت لنفسي ما رضيه أبي ولكن أنت أكتم هذا عني قال الواقدي وان اشفكياص لقي عبد الله يوقنا وسلم بعضهما على بعض وترجل كل منهما لصاحبه وشكا كل واحد منهما ما يجده من الشوق ثم ركبا وسارا إلى القلعة فنزل يوقنا فيها ومن معه وأتت ابنته وسلمت عليه وبكت وبكى وأما اشفكياص فإنه معول على القبض على يوقنا وقال له أيها الملك كيف رأيت هؤلاء العرب في دينهم وعدلهم وسياستهم في ملكهم فقال يوقنا ان القوم يزعمون أنهم لا يريدون ملك الدنيا وانما يريدون ملك الآخرة ومع هذا قد ملكوا الشام وأرض مصر وما تغيروا عن طباعهم وأنفسهم
(١٠٢)