فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١١٠
من النار والحرق وموسى مع تقربه ومكانته بك سأل ربه أن يشرح صدره وييسر أمره قال الراوي وما ذكر سهل للجارية هذه المناقب الا لأن ترجع إلى دين الاسلام قال فلما سمعت كلامه قالت فما جزاء من يدخل في دينه ويقول بقوله فقال يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وتمحى عنه سيئاته ويكون جزاؤه الرضوان في الجنان ثم قرأ قوله تعالى * (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) * فلما سمعت الجارية ما تكلم به سهل وقع بقلبها وصغت اليه بلبها وقالت أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ففرح سهل باسلامها فقالت له أكتم أمرك إلى الليل حتى أخلصك وأسير معك إلى عسكر الاسلام قال الراوي حدثنا صاعد بن عدي النميري عن أبيه انه سمعه وهو يحدث الناس بالمدينة وقد أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأموال رأس العين وخزائن الملك شهرياض قال وان الجارية مضت واستدعت بجواريها وأخذت من مال أبيها ألف دينار فلما جن الليل فتحت باب السر بعدما تجسست فرأت كل من في قصر أبيها نياما فأتت إلى سهل وحلته من وثاقه وقالت له قم على اسم الله وبركة نبيه فقام سهل بن أساف إلى الباب وأعطته لأمة حرب ولبست هي مثلها وخرجا من الباب وإذا هما بجوادين فركبا وخرجا وسارا مقدار فرسخين عن كفرتوتا وإذا هم بحس الخيل وراءهم فقالت إن كانوا من الروم فعلى مخاطبتهم وان كانوا من العرب المتنصرة فعليك مخاطبتهم قال فوقفوا غير كثير وإذا بالقوم عدتهم ثلاثة وعشرون فارسا وعليهم ثياب خضر وهم على خيول شهب قال فتأملهم سهل وذا هم أصحابه الذين قتلوا بحضرة الملك قال فدنا منهم سهل وسلم عليهم وقال سبحان الله ألم أشاهد قتلكم قالوا نعم أما علمت أن الشهداء أحياء لا يموتون وإنما هي نقلة من دار إلى دار وأن الله قد بعث بأرواح الشهداء في هذه الليلة لتزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تلك الليلة ليلة النصف من شعبان فقال لهم اني أريد المسير معكم وفي صحبتكم قالوا انك لا تقدر على ذلك وقد بقي من عمرك احدى وأربعون ليلة وتلحق بنا وأما هذه الجارية فقد أعد الله لها في الجنة ما أعد لأوليائه وقد بنى لها قصرا من الجوهر والياقوت الأحمر على شاطىء نهر الكوثر ستوره معلقة وبالانوار مرونقة وقبابه مزوقة وأسرته موصولة وفرشه مرفوعة وأباريقه مصفوفة وزواياه محفوفة وحلله منسوجة وحواشيه بحسن الوفاء مسروجه على أبوابه مكتوب بقلم السر المكنون * (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) * فلما سمعت الجارية قولهم قالت فبم استوجبت هذا النعيم قالوا
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»