فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٨٥
ضعيفا فدعوه وأحسنوا ان الله يحب المحسنين ولا تظلموا يتيما ولا فقيرا ولا أرملة فتعجب القبط من حسن وصيته وكلامه فدخل القوم واجتمعوا في دار الامارة وبعث شيعا غلمانه يجمعون الناس قال حدثنا جرير بن عاصم عن نعيم بن موسى الداراني عن أبا سليمان بن عوف عن جده مازن بن سعيد قال وقع القسط على أهل إسكندرية فكان أكبرهم في الحشمة وأغزرهم في المال يزن عشرة قراريط وأوسطهم حالا يزن قيراطين ولقد أتى برجل من أغنيائهم اسمه برأس لا يدري ما يملك من المال والدبش والغنم وكان أبخل أهل زمانه فقال له شيعا قد وجب عليك في هذا المال دينار قال وحق المسيح ما أنا بالذي يؤديه ولو مت وان تصدقت به كان أفضل من عطيتي للعرب فقال له قيس بن سعد ان في الذي نأخذه منكم صونا لأنفسكم وحفظا لدمائكم ونحن ما نأخذه على وجه الصدقة منكم بل نأخذه حلالا لا حراما يا ويلك لو دخلنا مدينتكم بالسيف ألست كنت أنت أول من قتل ومالك أول ما نهب وقال له شيعا خذلك الله ولعنك كل من في إسكندرية يعلم أنك كنت أولا فقيرا لا تقدر على شيء من أمور الدنيا وقد آتاك الله من فضله ووسع عليك رزقه فقال الست ورثته عن آباء كرام وأجداد عظام وما لله علي من فضل قال فغضب قيس وقام اليه وقمعه بمقرعة كانت معه وقال له كذبت يا عدو الله ورسوله الفضل والحمد والمنة لله لأنه رزقنا من فضله وأسبغ علينا من نعمه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ثم قال قيس اللهم انه جحد نعمتك فأزلها عنه قال فوالله ما مضى يومه حتى جاء الخبر بان أغنامه قد هلكت جميعا وبساتينه يبست ودياره قد تهدمت وأمواله ذهبت قال قيس الله أكبر هذا والله حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة بجانبي قال إن ثلاثة من بني إسرائيل كان أحدهم أبرص والآخر أقرع والآخر أعمى فبعث الله إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال له أي شيء أحب إليك فقال الجلد الحسن والإبل فأتى الأقرع فقال له أي شيء أحب إليك قال الشعر الحسن والغنم وأتى الثالث فقال له أي شيء أحب إليك فقال النظر والبقر قال ثم إن الملك مسح بيده على جلد الأبرص فعاد أحسن جلدا وأعطاه ناقة عشراء فبارك الله له فيها حتى ضاقت بابله الديار وأما الأقرع فأتاه ومسح بيده على رأسه فأنبت الله له شعرا حسنا وأعطاه نعجة عشراء فتوالدت إلى أن ضاقت بها تلك الديار ثم أتى الأعمى ومسح بيده على عينيه فعادتا أحسن عينين وأعطاه بقرة عشراء فتوالدت إلى أن ضاقت بها تلك الديار قال ثم أتاهم ليمتحنهم فأتى الأبرص فقال له كنت أبرص فقيرا لا تملك شيئا فأعطني مما آتاك
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»