شعارهم والتقوى لباسهم والخوف من الله أنيسهم فلما دخل على عسكرهم سأل عن أميرهم وصاحبهم فدلوه على موضع خالد فقصده فلما وصل اليه وجده في ذكر الدين والقيامة فنزل عن بغلته ووقف أمامه وأومأ اليه بالسجود فمنعه خالد فقال له أنت أمير هؤلاء القوم قال كذا يزعمون اني أميرهم ما دمت على الحق واتباع العدل والانصاف والخوف من الله محسنا للمحسنين منهم شدادا على المسيئين منهم فمتى حدت عن هذه الأشياء فلا امارة لي عليهم فقال البترك أنتم والله القوم الذين بشر بكم عيسى ابن البتول وان الحق معكم لا يفارقكم قال فأمره خالد بالجلوس فجلس وقال يا معاشر العرب أخبروني عن نبيكم فقال خالد ان الله اختار من ولد آدم العرب واختار من العرب مضر واختار من مضر كنانة واختار من كنانة قريشا واختار من قريش بني هاشم واختار من بني هاشم عبد المطلب واختار من عبد المطلب عبد الله محمدا صلى الله عليه وسلم وقال كنت نبيا وآدم بين الماء والطين وقال لما خلق الله العرش كتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فلما وقع آدم في الزلة رأى على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله فقال يا رب من هذا قال ولدك يا آدم الذي لولاه ما خلقتك قال يا رب فبرحمة هذا الولد ارحم هذا الوالد فقال يا آدم لو تشفعت الينا بمحمد في أهل السماوات والأرضين لشفعناك ثم إن الله جعل اسمه مقرونا باسمه وذكره مع ذكره ورسمه بما وسم به نفسه فقال ان الله بالناس لرؤف رحيم وقال في حقه بالمؤمنين رؤوف رحيم * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * وقال النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وقال يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وان الله عز وجل رفع ذكره وعظم فخره وأعز قدره فقال تعالى * (ورفعنا لك ذكرك) * وهذا غاية الشرف والتعظيم والتبجيل والتكريم وقال يا محمد لا أذكر حتى تذكر فمن أحبك فقد أحبني ومن سبك فقد سبني ومن جحدك فقد جحدني ومن أنكر نبؤتك فما عرفني وها أنا أشهد على نبؤتك فقال عز من قائل ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم قال في موضع آخر وكفى بالله شهيدا محمد رسول الله قال فلما سمع البترك ذلك من خالد فرح وقال لقد نجا من اتبعه وخسر من فارقه ثم جدد اسلامه على يد خالد وحدثهم بأمره من أوله إلى آخره ثم حذرهم من أخي صاحب برقة وانه واصل ومعه أربعة آلاف فارس واني قد سبقته في البحر وهذا الملك القبطي يريد صلحكم ويقرر لكم على انكم تصالحونه ان يعطيكم شيئا من المال ويسلم إليكم قوما من أصحابكم قد أخذوهم من ساحل الرملة فقال خالد ان أصحابنا قد فك الله أسرهم وجمع بنا شملهم وقد
(٨١)