فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٨
وللمسلمين لا شك أن لأصحابنا عيونا وجواسيس ثم إن خالدا ركب ومعه الفضل بن العباس والمقداد وزياد بن أبي سفيان وعياض وطافوا حول العسكر وإذا برجل من العرب المتنصرة جالس على قطيفة خارج العسكر فأنكر أمره خالد وقال له من أي العرب أنت فسكت فقالب له الأمير عياض انطق بالحق من لك من الأهل ههنا فسكت فقال له خذ الماء وتوضأ فلم يحسن ذلك فقال له صل فلم يحسن ذلك فضربوه فأقر بأنهم خرجوا ثلاثمائة من باب السر وردوا وبقي هو فضرب عنقة وانقطعت الجواسيس فكانوا يقاتلون قتالا شديدا وكان لخالد عبد في خيمته اسمه فلاح يصنع له كل يوم قرصين من شعير واحد له وواحد للعبد فقعد خالد ثلاثة أيام يأتي السفرة فلا يجد فيها شيئا ولم يكلم العبد وكان عنده بعض تمر يتقوت به حتى فرغ فعندها قال خالد للعبد يا ولدي قال الله تعالى * (وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام) * ولك ثلاثة أيام لم تصنع فيها قرص شعير قال يا سيدي ما قطعت عنك ذلك ولكن أصنع لك كل يوم وأعلقه في طبق الخيمة فلم أجده قال خالد أن لهذا شأنا عظيما ثم قال للعبد قف خلف الخيمة وأخف نفسك وانظر من يفعل هذا فلما كان الغد ركب خالد للقتال وصنع العبد القرصين وأكل قرصا ووضع قرص سيده فكان معتادا أن يشيله له فجاء كلب أسود عظيم من جهة البلد ودخل الخيمة وأخذ القرص في فمه ومضى فتبعه العبد حتى أتى إلى سرب يخرج منه الماء يجري من البحر تحت الأرض إلى تحت سور المدينة من جهة القبلة ويدخل المدينة ويظهر من الجهة البحرية من خارج البلد فلما رآه العبد رجع وأعلم الأمير خالدا فمضى معه ورأى ذلك ففرح بذلك فرحا شديدا ثم أتى إلى الامراء واعلمهم بذلك وقال وقال لهم أريد منكم مائة رجل قد باعوا أنفسهم لله عز وجل فيمضون معي وجماعة شداد يكونون مقابل الباب فإذا فتحنا الأبواب دخلوا الينا فانتدب منهم مائة رجل من خيار القوم منهم عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وزيد بن ثابت وعقبة بن عامر ومسلم بن عقيل وزياد بن أبي سفيان وأخوه هبار والمسيب بن نجيبة وأخوه والمقداد ابن الأسود ورافع وأبو رزين العقيلي ومثل هؤلاء السادات وقد اقتصرنا في أسمائهم خوف الإطالة ورتب خالد رضي الله عنه عبد الله بن جعفر والزبير بن العوام وابنه عبد الله والفضل بن العباس والفضل بن أبي لهب وضرار بن الأزور ومثل هؤلاء مقابل الباب وصبروا إلى غروب الشمس وأتوا إلى ذلك السرب ودخلوا اليه في الماء كل واحد بسراويله وسيفه وكان أولهم الأمير خالد وكل من دخل يدع سيفه وحجفته مع صاحبه حتى يدخل ويأخذهما حتى دخل ثمانون رجلا ورجع
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»