فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٩
عشرون لم يسعهم السرب وضاق عليهم فولوا وهم متأسفون لما فاتهم من الشهادة والفتح وتواثبت الامراء المذكورون وأخفوا نفوسهم تحت الجدار إلى جزء من الليل فتبادورا إلى الباب فوجدوه موثقا من داخله فعالجوا الاقفال والروم سكارى ففتحوا الباب وذبحوا كل من وجدوه في دهليز الباب وكانوا ستين رجلا ثم علوا على السور وجماعة منهم أخذوا المفاتيح ففتحوا الباب وثاروا على الروم فقتلوا جماعة منهم في أعلى البرج وقتلوا بطريق البرج وأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير فأجابهم المسلمون بمثل ذلك ودخلوا من الباب إلى سوق المدينة وتبادرت جماعة إلى القصر فلما أحس عدو الله بذلك وأن المسلمين ملكوا عليه الأبواب وضع منديلا في عنقه وخرج وهو يقول الأمان الأمان وفعل جماعة كذلك فأبى خالد ووضع السيف فيهم وقاده أسيرا وقال له يا عدو الله لا أمان لك عندي الا أن تسلم وقبض على جماعة من بطارقته ووضع السيف فيهم وقتل من الروم نحو ثلاثة آلاف وقتل من المسلمين في تلك الليلة في وسط البلد مائة وأربعة وثمانون رجلا قريبا من سوق المدينة وعند الأبواب وعند القصر وجاء عياض ومعه جماعة من الامراء فشكا إليهم أهل البلد وقالوا الأمان فرق لهم الأمير عياض وصار عدو الله يتملق بين أيديهم فغلبوا على رأي خالد حتى صالحهم على ألف مثقال من الذهب الابريز وألف ألف أوقية من الفضة البيضاء وعشرة آلاف وسق من البر والشعير والجزية من العام القابل وخالد لا يطمئن قلبه إلى شيء من ذلك وغلب الامراء على رأيه وجاءوه وقالوا له لقد أضر بنا المقام بهذا البلد فما نراك الا أشفق منا علينا ونرى من الرأي أن ترسل إلى عمرو وتعلمه بذلك وهذا الكلب وجماعته موثقون إلى أن يجيء الجواب فعندها كتب خالد كتابا إلى عمرو يخبره بذلك فلما بلغه ذلك رد لهم الجواب أنهم يستوثقون منه بالايمان ويأخذون منه ما صالحهم عليه ويتركونه ومن صاح الغوث الغوث فاتركوه والا نفر منكم أهل الصعيد ففعل خالد وقلبه نافر وأطلقه بعد ما استوثق منهم بالايمان في كتبهم المذكورة وأطلقوه وشرط عليهم أن لا ينزل عندهم أحد الا من يقبض المال فخرجوا إلى ظاهر المدينة وبقي عنده فضالة بن زيد السلمي وعون بن ساعدة الكندي ومقوم بن سعيد الجهني ومائتان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج الميرة والعلوفة وصار كل يوم يركب ويتودد إلى الامراء ووهب وأعطى ولم يترك أميرا الا خادعه حتى طابت نفوسهم عليه الا خالدا والفضل بن العباس والمقداد وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والزبير بن العوام فإنهم لم تطب نفوسهم اليه وأقاموا شهرين على ذلك وأرسل جميع الغلال إلى خزينته في
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»