وعدو الله البطليوس لعنة الله تارة يكر في الميمنة وتارة يكر في الميسرة وطلب البراز فبرز اليه المقداد بن الأسود الكندي رضي الله عنه وتعاركا وتجاولا وتطاعنا قال المقداد ابن الأسود قاتلت ملوكا وفتحت قلاعا ولاقيت حروبا في الجاهلية والاسلام فلم أر أخدع من البطليوس ولا أشد بأسا ولا أصعب مراسا منه فتقاتلا حتى كل الجوادان والتفت إلي وقال ما أجرأ فرسك كيف تقاتل عليك وهو بثلاث أرجل قال المقداد فمن شفقتي على جوادي طأطأت رأسي لانظر إلى قوائمه فضربني بالسيف ضربة قوية فقطعت الخودة والرفادة وأثرت قليلا في رأسي فظن الملعون أن خصمه قد قتل فلوى عنان فرسه فاستيقظ المقداد وتبعه فساق جواده المتقدم ذكره وأحاط به أصحابه قال فبينما الناس في أشد القتال إذ أقبل الأمير خالد بن الوليد رضي الله عنه ومعه الامراء المتقدم ذكرهم وأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وفي أوائل القوم خالد وهو ينشد ويقول * رعى الله صبا للقا جاء يسرع * وصبا على الفرسان بالرمح يقرع * ومن باع لله المهيمن نفسه * وكان إلى الهيجا بالامر أطوع * فويلك يا بطليوس من سيف خالد * إذا اشتدت الهيجاء والحرب يرفع * فلا رحم الرحمن بطليوس كافرا * ويلعنه كل الملائك أجمع * فان قدر المولى سأخرب داره * وأتركها من بعده وهي بلقع * بحد يماني إذا ما جذبته * تذل له كل العداة وتخضع * قال الراوي ثم إن خالدا رضي الله عنه حمل بمن معه واقتتلوا قتالا شديدا وقاتل البطليوس لعنة الله قتالا شديدا وقتل رجالا وجندل ابطالا فعندها حملت الامراء وأصحاب الرايت وذو المروءات واقتتلوا بين الجبل والباب قريب التل الأحمر قتالا شديدا وعطف خالد على البطليوس وصال عليه وكلما مر إلى الميسرة يراوغه إلى الميمنة ومن الميمنة إلى الميسرة فعندها عطف خالد عليه وحازه بين الصفوف وحمل عليه فعندها فر إلى القلب وأحاط به أصحابه وقومه ووضعت الامراء السيوف فيهم وتبعه الأمير خالد وساق جواده إلى الباب واقتحمه وتبعه قومه وانهموا إلى الباب ودخلوه وتبعهم المسلمون واقتتلوا عند الباب وقتل من الروم نحو أربعة آلاف ودخلوا الباب وأغلقوه وأوثقوه بالاقفال وعلوا على الاسوار وأسر المسلمون نحو ألف وخمسمائة فعرضوهم على الأمير خالد وكان فيهم من كبار البطارقة فعرض عليهم الاسلام فامتنعوا فأمر بضرب رقابهم وافتقد المسلمون أصحابهم فإذا قد قتل منهم مائتان وثمانون رجلا ختم الله لهم بالشهادة
(٢٩٣)