وزارها من أقصى المغرب أبو مدين وسعيب وأبو الحجاج وأبو عبد الله وزارها الفضيل بن عياض وروى أن إقليم البهنسا أكثر بركة من جميع الأرض كلها وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس بعد مكة والمدينة والأرض المقدسة والطور أرض مباركة الا أرض مصر والبركة هي في الجانب الغربي قال ولعلها البهنسا وكان علي بن الحسن يقول إنه ليس بأرض مصر بالوجه القبلي أرض مباركة ولا أكثر بركة من أرض البهنسا وكان أبو علي النوري إذا أتى أرض البهنسا وأتى الجبانة ينزع ثيابه ويتمرغ في الرمل ويقول يا لك من بقعة طالما ثار غبارك في سبيل الله وكان أبو علي الدقاق إذا مر بجبانة البهنسا يقول يا لك من بقعة ضمت أعضاء رجال وأي رجال طالما عرقت وجوههم في سبيل الله وقتلوا في سبيل الله ومرضاته وقيل للحسن بن صالح لم اخترت هذه البلدة على غيرها قال كيف لا آوي إلى بلد أوى إليها روح الله وكلمته وينزل على جبانتها كل يوم ألف رحمة ولما ولى عبد الله ابن طاهر مصر تجهز وأتى إلى البهنسا فلما قرب من الجبانة ترجل عن جواده وترجل من معه وكان الوالي عليها عبد الله بن الحسين الجعفري فخرج ماشيا وسلم عليه ولما وصل إلى الجبانة قال السلام عليكم يا أحياء الدارين وخير الفريقين ثم التفت إلى أصحابه وقال أن هذه الجبانة ينزل عليها كل يوم مائة رحمة وانها تزف بأهلها إلى الجنة ومن زارها تتساقط عنه ذنوبه كما يتساقط الورق من على الشجر في يوم ريح عاصف فكان عبد الله بعد ذلك كل يوم يخرج حافيا فيزورها حتى مات ودفن رحمه الله قال الراوي حدثني رجل من أرض البهنسا من أهل الخير والصلاح يسمى عبد الرحمن بن ظهير قال كان لي جار مسرف على نفسه ومات ودفن قريبا من الشهداء الذين بالجانب الغربي فبينما أنا نائم تلك الليلة فرأيته وإذا عليه ثياب من السندس الأخضر وعليه تاج من الجوهر وهو في قبة من نور وحوله جماعة لم أر أحسن منهم وجها ولا ثوبا متقلدين بسيوف وهو بينهم فسلمت عليهم وقلت له يا هذا لقد سرني ما رأيت من حالك فقال يا هذا لقد نزلت بجوار قوم يحمون النزيل في الدنيا من العار وكيف لا يحمونه في الآخرة من النار وقد استوهبوني من العزيز الغفار غافر الذنوب والأوزار وأسكنني جنات تجري من تحتها الأنهار قال ذو النون المصري رضي الله عنه كنت في كل سنة آتى إلى البهنسا وأزور الجبانة لما رأيت في ذلك من الأجر والثواب فحصل لي في سنة من السنين عارض منعني من زيارتها فبينما أنا نائم ليلة من الليالي إذ رأيت رجالا لم أر أحسن منهم وجوها ولا أنقى ثيابا على خيول
(٣٠٩)