فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٣١
بالحق ويتبعون الصدق ويوحدون الله وينزهونه عن الصاحبة والولد ويجاهدون في سبيله وهو الذي أمر به أنبياءه ورسله فاما أن ترجعوا إلى دين الاسلام أو تؤدوا الجزية والا بعثتكم عبيدا للعرب وهذا ما عندي والسلام قال فلما سمعوا كلامه علموا أن يوقنا اجتاز عليهم وأخذ أصحاب الملك في الطريق فقالوا أيها السيد نحن نفعل ما أمرتنا به فمنهم من أسلم ومنهم رضي بالجزية وعدل يوقنا فيهم وبعث إلى أصحاب الكمين فحلوا الاسرى فعرض عليهم الاسلام فأبقوا فأمر بحبسهم وبعث إلى أبي عبيدة بالخبر وما جرى له وبعث الكتاب مع الحرث بن سليم من وادي بني الأحمر وقال يا عبد الله كن للأمير مبشرا بهذا الفتح قال سأفعل ذلك إن شاء الله تعالى وسار بالكتاب حتى وصل إلى أبي عبيدة وسلم عليه وناوله الكتاب فلما قرأه وعلم معناه فرح وقال للحرث بن سليم ألم تستأذني أن تسير أنت وبنو عمك إلى وادي بني الأحمر فمن أوصلك إلى طرابلس قال أوصلني القضاء والقدر وذلك أن يوقنا أغار علينا وأخذنا أسرى وحدثه بحديثهم فعجب من ذلك أبو عبيدة وقال اللهم ثبتهم وأيدهم بنصرك قال حدثني عامر بن أوس قال أخبرني ابن سالم قال حدثني موسى بن مالك قال إن عمرو بن العاص لما ارتفع المطر رحل من الجابية ونزل على أبواب قيسارية وأما ما كان من أمر يوقنا فإنه لما ملك طرابلس واحتوى عليها واستوثق من سورها وأبوابها ترك أصحابه على الأبواب وقال لا تدعو أحدا يخرج من الأبواب وكان في المرسى مراكب كثيرة فرفع آلاتها وأخذها كل ذلك ولا يعلم أحد من أهل الساحل بما صنع وقال وبعد أيام جاءت مراكب كثيرة زهاء من خمسين مركبا فتركهم يوقنا حتى نزل أكثرهم إلى المدينة فأمر بهم اليه فاستخبرهم عن حالهم وقال من أين جئتم قالوا جئنا من جزيرة قبرص ومن جزيرة أقريطش وقالوا معنا العدد والسلاح مضروبة لملك فلسطين فأراهم الفرح والسرور وسلم عليهم وقال إني أريد أن أسير معكم ثم أمر بهم إلى دار الضيافة وبعث إلى قواد المراكب فأنزلهم وقدم لهم السماط فلما أكلوا قال إني أريد أن أسير إليكم الزاد والعلوفة وعدة السلاح إلى خدمة الملك ولكن تقيمون عندي ثلاثة أيام فقالوا أيها البطريق انا على عجل من أمرنا نخاف من لوم الملك ولسنا نقدر على ذلك ولم يزل بهم حتى اذعنوا له فقال أريد أن تنزلوا الشراعات والمقاذيف فتكونوا في المدينة ليطمئن قلبي بذلك ففعلوا وألصقوا المراكب بالسور ونزل كل من في المراكب وما بقي في المراكب الا ثلاثة رجال فلما دبر هذا التدبير قبض على الجميع فلما كان
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»