فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٤٢
على باب الملك فأمرهم باحضاري بين يديه فعقلت راحلتي وسرت معهم عند المقوقس وإذا هو في قبة كثر الجوهر في حافتها ولمع الياقوت من أركانها والحجاب بين يديه فأومأت بتحية الاسلام فقال حاجبه يا أخا العرب أين رسالتك قال فأخرجت الكتاب فأخذه الملك من يدي بيده قال فباسه ووضعه على عينيه وقال مرحبا بكتاب النبي العربي ثم قرأه وزيره الباكلمين فقال له اقرأه جهرا فإنه من عند رجل كريم فقرأه الوزير إلى أن أتى إلى آخره فقال الملك لخادمه الكبير هات السفط الذي عندك فأتى به ففتحه واستخرج نمطا ففتح ذلك النمط وإذا فيه صفة آدم وجميع الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين وفي آخره صفة محمد صلى الله عليه وسلم فقال لي صف صاحبك حتى كأنني أراه قال حاطب ومن يقدر أن يصف عضوا من أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا بد من ذلك قال فوقفت بعدما كنت جالسا وقلت إن صاحبي وسيم قسيم معتدل القامة بعيد الهامة بين كتفيه شامة وله علامة كالقمر إذا برز صاحب خشوع وديانه وعفة وصيانة صادق اللهجة واضح البهجة أشم العرنين واضح الجبين سهل الخدين رقيق الشفتين براق الثنايا بعينيه دعج وبحاجبيه زجج وصدره يترجرج وبطنه كطي الثوب المدبج له لسان فصيح ونسب صحيح وخلق مليح قال والملك ينظر في النمط فلما فرغت قال صدقت يا عربي هكذا صفته فبينما هو يخاطبني إذ نصبت الموائد وأحضروا الطعام فامرني أن أتقدم فامتنعت فتبسم وقال قد علمت ما أحل لكم وحرم عليكم ولم أقدم لك الا لحم الطير فقلت اني لا آكل في هذه الصحاف الذهب والفضة فان الله قد وعدنا بها في الجنة قال فبذلوا طعامي في صحاف فخار فأكلت فقال أي طعام أحب إلى صاحبك فقلت الدباء يعني القرع فإذا كان عندنا شيء منه آثرناه على غيره فقال ففي أي شيء يشرب الماء فقلت في قعب من خشب قال أيحب الهدية قلت نعم فإنه قال صلى الله عليه وسلم لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدى إلي ذراع لقبلت قال أيأكل الصدقة قلت لا بل يقبل الهدية ويأبى الصدقة وقد رأيته إذا أتى بهدية لا يأكل منها حتى يأكل صاحبها فقال الملك ايكتحل قلت نعم في عينه اليمنى ثلاثا وفي اليسرى اثنتين وقال من شاء اكتحل أكثر من ذلك أو أقل وكحله الأثمد وينظر في المرآة ويرجل شعره ويستاك فقال المقوقس إذا ركب ما الذي يحمل على رأسه فقلت راية سوداء ولواء ابيض وعلى اللواء مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فقال أله كرسي يجلس عليه أو قبة قلت نعم له قبة حمراء تسع نحو الأربعين قال فما الذي يحب من الخيل قلت
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»