فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٩
وبعث الكتاب مع جابر بن سعيد الحضرمي فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب فرح بسلامة المسلمين وسير الجواب وقال إذا قرأت كتابي فانزل على قيسارية وأنا في اثر الكتاب معول على السير إلى صور وعكاء وطرابلس والسلام ثم سلم الكتاب إلى جابر بن سعيد وأمره بالرجوع ذكر فتح صور وعكاء وطرابلس الشام وقيسارية قال وعول أبو عبيدة على النهوض إلى الساحل فقام اليه عبد الله يوقنا وقال أيها الأمير اعلم أن الله عز وجل قد اباد المشركين ورفع علم الموحدين واني أريد أن أسير قبلك إلى الساحل لعلي أفوز من القوم بغزوة فقال يا عبد الله ان أنت عملت شيئا يقربك إلى الله تجده بين يديك فافعل فوثب يوقنا قائما وأخذ أصحابه وكان قد انضاف اليه من كان يخدمه بحلب وكلهم رجعوا إلى الاسلام وكانوا أربعة آلاف وفي عسكر العرب أيضا ممن اسلم من البطارقة ما يزيد عن ثلاثة آلاف فارس من البطارقة المعدة وعليهم وال يقال له جرفاس ولما انهزم فلسطين إلى قيسارية وتحصن بها بعث إلى أهل طرابلس ان يبعثوا له بنجدة فبعثوا له بثلاثة آلاف فارس قال وساروا يطلبون قيسارية فلما كانوا بالقرب منها نزلوا في مرج ليعلقوا على خيولهم فبينما هم كذلك إذ اشرف عليهم يوقنا وأصحابه وكان قد صحبهم فلنطانوس صاحب رومية وأصحابه وكانوا معولين على زيارة بيت المقدس والمقام بها فلما أشرفوا على المرج وهم بزيهم ما غيروا منه شيئا ورآهم جرفاس ركب بنفسه يختبر حالهم فلما قرب منهم سلم عليهم ورحب بهم وقال من أنتم قالوا نحن الذين لجأنا إلى هؤلاء العرب واستكفينا شرهم وظننا أنهم على شيء فإذا هم طغاة لا دين لهم فهربنا بديننا ونحن أصحاب حلب وقنسرين وعزاز ودارم وأنطاكية ونحن قاصدون إلى الملك هرقل لنكون في جنابه فلما سمع جرفاس من القوم ذلك فرح بهم وأنس لكلامهم وقال انزلوا عندنا كي تستريحوا ساعة من التعب فلا شك انكم سرتم الليل والنهار وخافت أنفسكم من العرب قال يوقنا اين أنتم سائرون قال بعث الينا فلسطين لنكون في طرابلس فقال يوقنا تيقظوا لأنفسكم فان أمير العرب أبا عبيدة تركناه على نية القدوم إلى الساحل فقال جرفاس وماذا ينفع حذرنا ودولتنا قد اضمحلت وأيامنا قد ولت ولسنا نرى الصليب يغني عن أهله شيئا قال الواقدي فنزلوا عندهم ساعة وقدموا لهم من أزوادهم فاكلوا ثم ركبوا وهم جرفاس أن يركب لركوبهم فقال يوقنا اشتغل بأصحابك والبسهم أفخر ثيابهم فان ذلك مما يظهر الرعب في قلوب أعدائكم قال الواقدي حدثني سليم بن عامر عن نوفل بن عبد الله عن جرير بن البكاء وكان أعرف الناس بفتوح الشام قال ما دخل إلى ساحل البحر حتى
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»