وقتال الروم فتمحو عنك ما سلف من خطاياك فأجابه طلحة إلى ذلك فكتب له عمرو كتابا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما صنع وأخذ طلحة ومشى به إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجد عمر في المدينة وقيل له هو بمكة فمضى حتى وردها فوجد عمر متعلقا بأستار الكعبة فتعلق معه وقال يا أمير المؤمنين اتي تائب إلى الله عز وجل وحق رب هذا البيت مما كان مني قال عمر من أنت قال أنا طلحة ابن خويلد قال فنفر عمر عنه وقال يا ويلك ان أنا عفوت عنك فكيف الامر غدا بين يدي الله عز وجل بدم بن محصن الأسدي قال طلحة يا أمير المؤمنين عكاشة رجل أسعده الله على يدي وشقيت أنا بسببه وأرجو أن يغفر الله لي بما عملته قال عمر وما عملت فأخرج له كتاب عمرو بن العاص فلما قرأه عمر وفهم ما فيه فرح به وقال أبشر فان الله غفور رحيم وأمره عمر أن يقيم بمكة حتى يرجع إلى المدينة فأقام معه أياما فلما رجع عمر إلى المدينة وجه به إلى قتال أهل فارس قال الواقدي رجعنا إلى الحديث قال لما قتل البطريق قيدمون على يد طلحة ونجا شرحبيل مما كان قد لحقه ورجع إلى عمرو وكان المطر شديدا فقطع الناس القتال ولحق الناس الأذى لان أكثرهم بلا أخبية ولا بيوت والتجئوا إلى الجابية وتستروا بدورها وكان من رحمة الله بالمسلمين أن وقع في قلب فلسطين الفزع والرعب لما قتل قيدمون البطريق وكان ركنه ودعامته فشاور أصحابه في الرجوع إلى قيسارية وقال يا معاشر الروم أنتم تعلمون أن جيوش اليرموك ما ثبتت لهؤلاء العرب وان أبى قد ولى إلى القسطنطينية من خوفهم وقد ملكوا الشام جميعه وما بقي غير هذا الساحل واني أخاف أن ندهي من قبلهم ويملكوا قيسارية والرحيل أوفق من المقام ههنا فأجابوه إلى ذلك فلما كان الليل ارتحل القوم والمطر ينزل قال سعيد بن جابر الأوسي وكان ذلك كله رحمة للمسلمين من الله عز وجل قال فلما كان في اليوم الرابع ارتفع المطر وطلعت الشمس فخرجنا من الجابية نطلب قتال الروم فلم نر لهم أثرا فوالله لقد فرحنا بطلوع الشمس أكثر من فرحنا برحيل الروم فكتب عمرو بذلك إلى أبي عبيدة كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عمرو بن العاص السهمي إلى أمير جيوش المسلمين أبي عبيدة عامر بن الجراح سلام عليك ورحمة الله وبركاته أما بعد فيا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فان فلسطين بن هرقل قد أخرج إلى لقائنا ثمانين ألفا من الروم وكان لقاؤنا معهم على موضع يقال له نخل وأخذ شرحبيل ابن حسنة وكان الذي ملك اسره قيدمون ابن خالة هرقل ثم خلصه الله على يد طلحة بن خويلد الأسدي وقتل قيدمون ابن خاله هرقل ثم وجهته بكتاب إلى عمر بن الخطاب وقد انهزم عدو الله فلسطين وأنا منتظر جوابك والسلام عليك وعلى من معك من المسلمين ورحمة الله وبركاته
(٢٨)