فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٣٠
أتقن الحيلة وذلك أنه قد نزل فيه الحرث بن سليم من بني عمه يرعون إبلهم وكانوا في مائتي بيت من العرب فأغار عليهم يوقنا وأخذهم وشدهم كتافا ودخل بهم إلى بلاد الساحل فلما جن الليل جمعهم اليه وقال لا تظنوا اني رجعت عن الاسلام وانما فعلت بكم هذا كي تسمع الروم بسواحلها اني غدرت بالعرب وأخذتهم قال فاطمأنت العرب إلى كلامه وقالوا له ان كنت تريد إقامة دين الله فالله ينصرك وبالاعداء يظفرك قال ووكل يوقنا رجالا تسوق الأموال وانما اطمأن جرفاس وأصحابه إلى يوقنا لما رأى الاسرى من العرب والجمال والانعام فلما ركب يوقنا وأصحابه ورأى أنهم طالبون لساحل البحر نكب عن طريق طرابلس وكمن في الليل على طريق القوم قال وان جرفاس فرق خزائنه التي كانت عنده على أصحابه وقعد حتى جن الليل وأكلت الخيل عليقها ثم ركبوا واستقاموا على الطريق فلما توسطوا أطبق عليهم يوقنا وأصحابه وداروا بهم ولم يمهلوهم بالقتل وأخذوهم أخذا بالكف وانتشرت الخيل في تلك الأرض لئلا يكون قد انفلت من الروم أحد فلما حصلوا في قبضتهم وتحت أسرهم أرادوا أن يطلقوا الحرث بن سليم وأصحابه فقال الحرث اني أرى من الرأي أن تتركونا على حالنا فان ثواب الله قد حصل وصبحوا بنا بلاد العدو فإنكم ما تشرفون على بلد من بلاد الساحل الا فتحه الله لكم قال يوقنا هذا رأي صحيح ثم أمر أصحابه أن يستوثقوا من الأسرى وكمن ألفين من أصحابه وأصحاب فلنطانوس مع الاسرى وهم ثلاثة آلاف فارس وقال إذا جاءتكم رسلي فاقدموا ثم ألبس أصحابه زي الروم مثل أصحاب قيسارية الذين أخذوهم وساروا نحو طرابلس فلما خرج كل من في البلد إلى لقائهم كان كتاب فلسطين قد وصل إليهم اني قد بعثت إليكم بثلاثة آلاف فارس مع جرفاس بن صليبا ودخل يوقنا مع أصحابه حتى استقر قراره في دار الامارة ودخل عليه شيوخ طرابلس والبطارقة وأهل الحشمة منهم فلما حصلوا عنده أمر بهم وقبض عليهم وقال يا أهل طرابلس ان الله سبحانه وتعالى قد نصر الاسلام وأهله وقد كنا في عيش مظلم نسجد للصلبان ونعظم ال والقربان ونجعل لله زوجة وولدا حتى بعث لنا هؤلاء العرب فهدانا وألحقنا بهم ببركة نبيهم صلى الله عليه وسلم وهو النبي المبعوث الذي ذكره الله في التوراة وبشر به عيسى المسيح وان الاسلام حق وقوله الصدق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وينطقون
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»