أبلغ المراد أو أموت صبرا ثم إنه جمع عسكره واختار منهم عشرة آلاف فارس شدادا وولى عليهم بطريقا اسمه بكلاكون وهو صاحب جيشه وقال سر بهؤلاء فأنت طليعة جيشي فسار من ساعته ثم إنه عقد صليبا آخر وسلمه إلى دمستق العسكر واسمه جرجيس بن باكور وضم اليه عشرة آلاف وقال له الحق بصاحبك فسار في أثره فلما كان في اليوم الثاني خرج فلسطين ببقية الجيش وترك ابن عمه قسطاس في قيسارية يحفظها وترك عنده عشرة آلاف قال بشار بن عوف فبينما نحن نازلون إذ أشرف علينا البطريق الأول في عشرة آلاف فارس فلما قربوا منا رأيناهم فحزرناهم فإذا هم عشرة آلاف قال ففرحنا وقلنا نحن خمسة آلاف وعدونا في عشرة آلاف فكل رجل منا يقاتل اثنين فبينما نحن كذلك إذ أشرف علينا البطريق الثاني في عشرة آلاف فقال عمرو رضي الله عنه اعلموا أن من أراد الله واليوم الآخر فلا يرتاع من كثرة العدو ولو تزايد المدد فان الجهاد أوفر متجر وأعز قدرا وأي فخر عند الله ممن يقتل في سبيل الله وصفوف الكفار ويكون حيا عند الله يرتع في مروج الجنة وينال من الله سابغ النعمة والمنة فقد قال الله تعالى * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم) * الآية ولو أن الجاسوس الذي قتلتموه لم تعجلوا عليه لأخبرنا بمسير هذا الجيش الينا وكثرته وكنا قد أخذنا حذرنا على أنفسنا واحتطنا ولكن أمر الله لا يرد ثم أنه جمع أبطال الموحدين وقال قد رأيت أن تنفذ إلى أبي عبيدة نعلمه ليمدنا بالخيل والرجال فان هذا جيش عظيم ثم قال أيها الناس من يركب ويسير إلى الأمير أبي عبيدة ويعلمه بما قد صرنا اليه فلعله أن ينجدنا كما أنجد يزيد بن أبي سفيان وهو محاصر قنسرين وأجره على الله المعارك في فلسطين فقال له ربيعة بن عامر يا عمرو الق بنا العدو وتوكل على الله فان الذي نصرنا في مواطن كثيرة ونحن في قلة ينصرنا اليوم على بقية القوم الكافرين قال فقنع عمرو بكلام عامر بن ربيعة وقال والله لقد صدقت وأمر الناس بالتأهب إلى لقاء العدو فركب المسلمون ورفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير فأجابتهم الجبال والتلال والأوعار والأشجار والأحجار ومن في تلك الأرض من العمار وقالوا الهنا ومولانا انا نسمع أصواتا موحدة غير مشركة ولا ملحدة في التوحيد وقد أسمعتنا كلام التوحيد وأريتنا وجوه أهل التمجيد التحميد الهنا ما أطيب سماع ذكرك ومن لنا أن نوفي
(١٨)