وأطلق سهما من كبد قوسه فوقع سهمه في صدره فاشتبك في الفروة ووقع غير مصيب وكان اللعين أرمى أهل زمانه ما رمى قط شيئا الا نفذ فيه فغضب لذلك وهم أن يرميه بسهم ثان فامتعط الثقفي نبلة ورمى بها نحوه فلم يرها لصغرها وخفاء موقعها فاشتبكت النبله في حلق العلج فخرجت من قفاه فما تمالك العلج الا ان وقع صريعا فأسرع الثقفي إلى جواده فأخذه واستوى على متنه ونزع بيضة المشرك عن رأسه وجعل يسحبه نحو جيش المسلمين فاستقبله ابن عم له وكلمه فلم يجبه من فرحه بما صنع ثم اقبل إلى عمرو فأعطاه إياه فنظرت الروم إلى فعل الثقفي فغاظهم ذلك وجعلوا يشيرون إلى السماء فلعلمنا أنهم يقولون إن الملائكة تنصرنا قال ونظر فلسطين إلى ذلك فعظم عليه وقال لبعض البطارقة اخرج إلى هؤلاء العرب وحام عن دينك فخرج البطريق وعليه ديباجة خضراء ودرع حصين ومن تحت الدرع جوشن منيع وفي عنقه صليب من الذهب الأحمر ومعه غلام من ورائه يجنب جنيبه وعليه سيفه ودرقته فخرج حتى وقف بين الصفين فجعل يسال القتال فلما نظر المسلمون اليه أقبلوا اليه ينظرون ولا يخرج اليه أحد فقال عمرو معاشر العرب من يخرج اليه ويهب نفسه لله عز وجل فخرج اليه رجل من العرب وهو يقول أنا أكون ذلك فقال عمرو بارك الله فيما تريد وحمل صاحب المسلمين عندما خرج مصمما واستقبله البطريق وجعلا يتجاولان ساعة وهما يتعانقان بالسيوف إلى أن خرجت لهما ضربتان فسبقه البطريق بالضربة فاخذها الرجل بالدرقة فقدها نصفين وكانت جلد بعير بطانة واحدة فلم يصل اليه من الضربة شيء وضربه الرجل ضربة في أثرها فقطعت البيضة وسلكها فتقهقر البطريق إلى ورائه ولم يصل اليه أذى فلما رجعت اليه روحه حمل على المسلم وضربه فجرحه جرحا فاحشا فألوى إلى أصحابه فصاح به رجل من العرب من وهب نفسه لا يرجع من بين يدي عدوه فقال الرجل أما كفاك هذه الضربة حتى توبخني ان الله ليلومني بأن ألقي بيدي إلى التهلكة ثم شد جراحه وعظم عليه ما قال ابن عمه فلما خرج قال له ابن عمه الذي خاطبه ارجع فخذ هذه البيضة واجعلها على رأسك فقال ثقتي بالله أعظم من حديدك ثم دلق نحو البطريق وهو يقول * يقول لي عند الخروج للقا * دونك هذا الترس فاجعله وقا * من علج سوء قد بغى وقد طغى * أقسمت بالله يمينا صادقا * لأتركن البيض فوق المرتقى * وأدخل الجنة دار الملتقى * قال فدعا له المسلمون بالنصر وقالوا اللهم أعطه ما تمنى وحمل على
(٢٤)