فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٩
الخيل الشرار وطمطمت السودان وكفروا بالرحمن وثار العجاج وزمجرت الاعلاج وقاتلت أصحاب الفيلة قتالا شديدا وقد قسموهم أربع فرق فرقة مما يلي الميمنة وفرقة مما يلي الميسرة وفرقة مما يلي القلب وفرقة مما يلي العسكر وتصايحت النوبة والبجاوة والروم فلله در خالد بن الوليد لقد قاتل قتالا شديدا فكان تارة في القلب وتارة في الميمنة وتارة في الميسرة وكذلك الأمير عمرو بن العاص والزبير بن العوام والفضل بن العباس الهاشمي والقعقاع بن عمرو التميمي وغانم بن عياض الأشعري رضي الله عنهم على الساقة مع النساء والولدان والذراري والصبيان وانقطع عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عمر بن الخطاب وهاشم بن المرقال إلى كردوس ينوف على ألف فارس من الروم والسودان فغاصوا في أوساطهم وكان فيهم بطريق من بطارقة الكورة اسمه عرنان بن ميخائيل فلما رأى ما حل به وبأصحابه بادر إلى الصليب ليقبله وينظر اليه ثم رطن الروم بلغتهم وأحاطوا بأصحاب رسلول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا أن يتمكنوا منهم فعندها وثب عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى ذلك البطريق فحمل عليه وكان عليه ديباجة صفراء من فوق درعه وعلى رأسه بيضة تلمع كأنها كوكب وفي وسطه منطقة من الجوهر فتعاركا مليا وتصادما سويا ثم إن عبد الرحمن ضربه بالسيف في نحره فأطاح رأسه عن بدنه فلما رأى الروم ذلك حملوا على عبد الرحمن وأصحابه بأجمعهم حملة واحدة وصبر لهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل منهم مشتغل بنفسه عن نصرة صاحبه وأيقنوا بالهلاك وخرج عبد الرحمن وفي يده جرح هائل والدم يسيل عن درعه فتناول السيف بيده اليسرى وجعل يقاتل بها وجرح هاشم بن المرقال أحد عشر جرحا في يده وفي وجهه وهو يمسح الدم مرارا فأيقنوا بالهلاك وكان الفضل بن العباس وبنو عمه ممن ذكرنا تارة في الميمنة وتارة في الميسرة وحملوا في اعراض القوم حتى وصلوا الكردوس الذي فيه عبد الرحمن وعبد الله بن عمر وهاشم بن المرقال فوجدوا الروم قد أحاطوا بعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعقروا جواده من تحته وأصحابه يذبون عنه وعبد الله بن عمر تارة يمنع عنه بالسيف وتارة بالرمح وجراحاته تتدفق دما وقد جرح عبد الله بن عمر في يده ست جراحات هائلة فلما رأى الفضل ذلك بادر هو وأصحابه وكانوا عشرين فارسا وخرقوا الصفوف وضرب فارسا ممن أحاط بعبد الرحمن على رأسه فقطع البيضة ونزل إلى أضراسه فانجدل صريعا يخور في دمه وعجل الله بروحه إلى النار فلما سقط عن جواده ابتدره عبد الرحمن وركب الجواد وقاتلوا أولئك حتى دفعوهم عن أصحابهم وكانت
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»