والسيوف بأيديهم وقد أحاطوا بخالد ركضوا خيولهم وكان أول من ابتدر للحرب ضرار بن الأزور رضي الله عنه وهو ينشد * عليك ربي في الأمور المتكل * اغفر ذنوبي ان دنا مني الاجل * يا رب وفقني إلى خير العمل * وعني امح سيدي كل الزلل * انا ضرار الفارس القرم البطل * باعي على الأعداء أضحى المنصل * اقمع بسيفي الروم حتى يضمحل * مالي سواك في الأمور من أمل * قال الراوي حدثنا رفاعة بن قيس قال حدثنا حامد بن عياض عن أبيه عن جده عن نافع بن علقمة الربعي قال كنت في القلب في عسكر عمرو يوم وقعة الروم بمرج دهشور قال بينما نحن ننظر إذ رأينا السيوف جذبت وأحاطت بخالد بن الوليد فخرجنا كردوسا من أجاويد الرجال من طرف الميمنة وبادرناهم ولحقناهم وإذا قد سبق من ذكرنا يعني ضرارا والجماعة المذكورين فكان أول من قدم على الروم ضرار وهو عريان بسراويله قابضا على سيفه وهو يزأر كالأسد والقوم من ورائه متبعوه حتى وصلوا وضرار أمامهم وهو واثب على جواده وثبة الأسد مسرعا وهو يهز السيف وهو زاحف على بولص فارتعدت فرائصه وقال يا خالد دعني من هذا الشيطان واقتلني أنت ولا تدعه يقتلني فاني أتشاءم من طلعته فقال هو قاتلك لا محالة هذا مبيد الأقران هذا قاتل وردان وملك التركمان ومبيد عبدة الصلبان ومن يكفر بالرحمن فبينما هم في المجاورة وإذا بضرار قد أقبل وهز سيفه وصرخ يا عدو الله لم تغن عنك خديعتك شيئا ولا غدرك بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أراد أن يضربه بسيفه فصاح به خالد اصبر يا ضرار حتى آمرك بقتله ووصلت اليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل يبادر إلى قتله فقال لهم خالد اصبروا قال ونظر بولص لعنة الله إلى ما حل به وقد جذبه ضرار من قربوس سرجه واقتلعه وجلد به الأرض فغشى عليه فأشار بأصبعه وقال الأمان يا خالد فقال له خالد يا كلب النصرانية لا يعطى الأمان الا لأهل الأمان أنت رجل أردت أن تمكر والله خير الماكرين فلما سمع ضرار ذلك لم يمهله دون أن ضربه بالسيف على عاتقه الأيمن فاطلع السيف يلمع من عاتقه الأيسر فسقط عدو الله يخور في دمه وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار وتبادرت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعوا السيف فيهم فلما رأى الروم ما حل بهم حملوا بأجمعهم وتقدمت أصحاب الفيلة وعلى ظهورها الرجال والتقى الجمعان واصطدم الفريقان واشتد القتال وعظم النزال وصفت الصفوف وازدحمت الألوف وتلفت النفوس وقطعت الرؤوس وبطل القيل والقال وقتلت الرجال وزمجرت الابطال واشتد القتال واتسع المجال وعظم البلاء واسودت السماء وثار الغبار وقدحت حوافر
(٢٣٨)