فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٤
قال ثم حمل من بعده شرحبيل بن حسنة وهو يقول * ألا يا عصبة الاسلام صولوا * على الأعداء بالسيف الصقيل * اذيقوهم حياض الموت جهرا * بلذع السمهري الرمح الطويل * وموتوا في الوغى قوما كراما * شدادا في المعامع والنزول * قال الراوي ثم تتابعت الفرسان يتلو بعضها بعضا هذا وزياد غائص في القوم كما ذكرنا وقصد البطريق الأعظم صاحب ببا الكبرى وضربه على عتاتقه الأيمن بالسيف فاطلع السيف يلمع من عاتقه الأيسر وقد أجابته المسلمون بتكبيرة واحدة وكبرت الجبال وارتجت الأرض لوقع حوافر الخيل وحمل كل أمير على بطريق فقتله فلم تكن الا ساعة حتى ولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار لا يلوي بعضهم على بعض وتبعهم المسمون يقتلون ويأسرون حتى بلغت الهزيمة جرزة وميدوم فبينما ضرار وأصحابه مقبلون وإذا بالروم منهزمة كما ذكرنا وخيل المسلمين في أثرهم يقتلون ويأسرون ولم يعلموا ما جرى لضرار ورفقته فلما رأوه سلموا عليه وهنئوه وأصحابه بالسلامة فقص عليهم ما جرى لهم واجتمعوا بالمسيب وأصحابه وأروهم مكان المعركة ومكان القتلى ففرحوا بذلك فرحا شديدا قال الراوي وان عمرا وخالدا لما خرج الفضل وأصحابه قلق عليهم فقال خالد لعمرو يا أبا عبد الله لقد غرر الفضل وأصحابه بمن معه من المسلمين واني أخضى أن تكون للروم طليعة فيغيروا على أصحابنا قال عمرو كذلك هجس بخاطري يا أبا أبا سليمان فما ترى من الرأي قال خالد الرأي عندي أن أرسل طليعة أخرى خلفهم قال نعم الرأي ثم استدعى بالزبير بن العوام وأبي ذو الغفاري رضي الله عنهم وأعلمهما بذلك وأراد خالد أن يركب معهما فمنعه الزبير وحلف لا يسير الا هو وانتخب معه فرسانا فساروا حتى قربوا من القوم والتقوا بالمسلمين فوجدوهم قد كسروا الروم كما ذكرنا ثم جمع المسلمون الأسلاب والسلاح والخيل ورجعوا إلى أصحابهم وهم فرحون بالنصر على أعدائهم قال الراوي فلما رجع المسلمون إلى العسكر وكان معهم ستمائة أسير أعلن المسلمون بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير فأجابهم المسلمون كذلك ولما عاينوا الاسلاب والأسارى معهم فرحوا بذلك وسلم بعضهم على بعض وتلقاهم عمرو وخالد وباقي الأمراء تفاءلوا بالنصر وقدموا الأسارى وعرضوهم على عمرو وخالد وأوقدوا النيران بالمرج وباتوا يقرءون القرآن ويتضرعون إلى الله الواحد المنان وليس فيهم الا من هو راكع أو ساجد
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»