فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٣
ونجمع عليكم ما لا طاقة لكم به من بلاد السودان والواحات وكأنكم بالنجدة قد وردت علينا وان بقية الروم لم تأت إليكم وانما أرسلوا من يقاتل عنهم فقال خالد والله ما نرجع عنكم الا بإحدى ثلاث خصال اما ان تدخلوا في ديننا أو تؤدوا الجزية أو القتال وأما ما ذكرت انكم عدد الجراد فالله قد وعدنا بالنصر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزله في كتابه وأما ما ذكرت أنكم تعطوننا من الثياب والعمائم فعن قريب نلبس ثيابكم وعمائمكم ونملك بلادكم جميعها كما ملكنا الشام ومصر والعراق واليمن والحجاز والروم فقال الراهب أنا أرجع أخبر أصحابي بذلك فاني قد أتيت من قبل البطليوس صاحب مدينة البهنسا وقد أرسلني إلى صاحب أهناس واتفق الملوك والبطارقة وأرسلوني إليكم وأنا أرجع إليهم وأخبرهم بجوابك ثم إن القس لوى راجعا من حيث جاء فلما رجع إليهم وأخبرهم بذلك كاتبوا ملوكهم على ذلك وأرسلوا جوابهم بالقتال فلما وصلت الكتب تقدمت الروم والسودان وقدموا بين أيديهم الفيلة وأمامهم الرجالة بالقسي والسيوف والدرق والمزاريق فصاح الفضل بن العباس ورفاعة بن زهير المحاربي والقعقاع بن عمرو والتميمي وشرحبيل بن حسنة والمقداد ابن الأسود الكندي ومعاذ بن جبل وقالوا معاشر المسلمين اعلموا أن الجنان قد فتحت والملائكة قد أشرفت والحور تزينت وأشرفت من الجنان ثم قرأ ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ثم رتبوا الصفوف فتقدم خالد وقال اقرنوا المواكب واثبتوا واعلموا ان هؤلاء أكثر منكم بعشرة أمثالكم وأزيد فطاولوهم إلى وقت العصر فإنها ساعة النصر على الأعداء وإياكم ان تولوا الادبار وازحفوا على بركة الله وعونه قال الراوي وتزاحمت السودان والبربر والنوبة والبجاوة فلما تقارب الجمعان رمت أصحاب الفيلة نشابهم فكانت كالجراد المنتشر فقتلوا رجالا وجرحوا أبطالا وخالد تارة يضرب بسيفه في الميمنة وتارة في الميسرة وكان في أصحاب الفيلة من السودان والبربر سواكن يسمونهم القواد شفاههم العليا مشقوقة وبها خزام من نحاس فإذا كان وقت الحرب لا يخرجون القواد الا إذا حمى الحرب واشتد الطعن والضرب وكانوا سودا طوالا طول كل واحد منهم عشرة أذرع فإذا أرادوا الحرب جعل في كل خزام سلسلة بطرفين في كل طرف واحد من البربر فإذا وقع صلح بين الفريقين والا زحفوا بهم وأطلقوا السلاسل ودفعوا لهم أعمدة من حديد طوالا فيضرب الواحد الفارس والفرس فيقتلها بضربة ومنهم من يركب الفيلة ويقاتل على ظهورها فلما التقى الجمعان خرجت تلك القواد وعلى أجسادهم جلود النمور
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»