مبادرا حتى وقف بين يديه فلما رأى خالدا قد وصل اليه احترز على نفسه وأراد أن يخدع خالدا ويهجم عليه فقال خالد أيها البطريق ها أنا خالد سل حاجتك والذي جئت به وأياك والمخادعة فاني جرثومة الخداع فقال بولص يا خالد اذكر في الذي تريد وقرب الأمر بيننا وبينكم واحقن دماء الناس واعلم أنك مسؤول عن ذلك وواقف غدا بين يدي الله عز وجل فان كنت تريد شيئا من الدنيا فلن نبخل به عليكم وندفعه صدقة منا إليكم لأنه ليس عندنا في الأمم أضعف منكم حالا وقد علمنا أنكم كنتم في بلادكم قبل أن تفتحوا البلاد في قحط وجوع وتموتون هزالا وقد ملكتم بلادا وشبعتم لحما وركبتم خيولا مسومة وتقلدتم بسيوف مجوهرة وسعدتم بعد فقركم وفاقتكم فان طلبتم منا شيئا أعطيناكم إياه بطيبة قلوبنا فلا تطمعوا في بلادنا كما طمعتم في غيرها واقنعوا منا بالقليل قال فلما سمع مع خالد مقالته قال يا كلب النصرانية وأخس من غمس في ماء المعمودية انه قد بعث الله الينا نبينا فهدانا من الضلالة وأنقذنا من الجهالة واننا قد ملكنا الله بأيدينا ما أغنانا به عن صدقتكم وأحل لنا أموالكم وأباح لنا نساءكم وأولادكم الا أن تقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله فان أبيتم ذلك فتؤدوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون فان أبيتم ذلك فالسيف حكم بيننا وبينكم حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين والله ينصر من يشاء وان الحرب والقتال أحب الينا وأشهى من الصلح وان كنتم تزعمون أنه لم تكن أمة أضعف منا عندكم فأنتم عندنا بمنزلة الكلاب فان الواحد منا يقاتل منكم ألفا وان هذا ليس بخطاب من يطلب الصلح فإن كان هذا الطمع ترجو به أن تصل إلي بانفرادي عن أصحابي فذلك منك بعيد وان أردت القتال فدونك فاني كفء لك ولأصحابك إن شاء الله تعالى فلما سمع بولص كلام خالد وثب في سرجه وقال ليس لك عندي الا هذا السيف ثم جرد سيفه ودنا من خالد رضي الله عنه وشابكه وضرب بيده في درعه ومنطقته ووثب كل منهما على الآخر واستغاث الملعون بأصحابه وقال لهم بادروا إلي فقد أمكنني الصليب من أمير العرب فابتدر اليه البطارقة من كل جانب وخرج كردوس عظيم أكثر من مائتي فارس وجردوا السيوف وأتوا إلى خالد رضي الله عنه فلما رآهم خالد مقبلين اليه وثب وثبة الأسد وصاح بجواده وانتزع نفسه من البطريق بعد أن أحاطت به الروم وجاء كردوس ثان وخالد يضرب فيهم يمينا وشمالا وعدو الله بولص يصيح ويقول يا ويلكم خذوه قبل أن يفوتكم قال وكان ضرار والفضل بن العباس وعلي بن عقيل وعبد الله بن المقداد وسليمان بن خالد رضي الله عنهم على كثيب قريب من الروم فلما رأوا الروم
(٢٣٧)