فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٨
وكان مع ملك البجاوة ألف وثلاثمائة فيل عليها قباب الجلد بصفايح الفولاذ في كل قبة عشرة من السودان طوال القامة عراة الأجساد على أوساطهم واكتافهم جلود النمور وغيرها ومعهم الدرق والحراب والكرابيج والقسي والمقاليع والأعمدة الحديد والطبول والقرون وكانت عدتهم عشرين ألف فلما وصلوا أسوان خرجوا إلى لقائهم بعسكرهم وأعلموهم بأمرهم وساروا إليهم بالملاقاة من الذرة والشعير والقصب ولحوم الخنازير والضباع وغيرها من الوحوش فأنزلوهم وضيوفهم ثلاثة أيام ثم خرج بطريق أسوان ومعه جيش حتى وصلوا إلى ملك قفط صاحب القرية القريبة من قوص وعمل معهم مثل ذلك وسير معهم جيشا وساروا حتى وصلوا إلى أنصنا وكان بها بطريق عظيم وبطل جسيم وكان منجما وكان يحكم شرقا وغربا وكانت مدينته عظيمة على شاطىء البحر وبها جند كثير وعجائب عظيمة ولها حصن عظيم من الحجر علوه ثلاثون ذراعا ومن داخلها قصور ومقاصير وكنائس وقلاع على أعمدة الرخام وغيرها في المدينة فلما نزلت تلك العساكر على أنصنا خرج إليهم بطريقها جرجيس بن قابوس وتلقاهم وأرسل معهم ابن عم له يسمى قيطارس وكان فارسا شديدا في أربعة آلاف فارس ولم يزالوا سائرين حتى نزلوا بواد البهنسا عند بطريق يسمى قلوصا من بطارقة البطليوس فلما سمع بهم البطليوس خرج إلى لقائهم في عسكر عظيم زهاء من خمسين الف فارس من البطارقة وعليهم الدروع المذهبة وأقبية الديباج المرقومة بالذهب الوهاج وعلى رؤوسهم التيجان المكللة بالآليء والجواهر راكبين على خيول وبراذين مسرجة عليها سروج الذهب والجنائب مغطاة بأغشية من الحرير الملون المرقوم بالذهب والفضة والخز وكان معهم خمسون صليبا طول كل صليب أربعة أشبار من الذهب تحت كل صليب ألف فارس على كل صليب رمانة من الذهب المنقوش وهم في زي عظيم عجيب وقد أكثروا من الطبول والزمور وضرب القرون والمعازف حتى ارتجت الأرض ومعهم الجمال والبغال والجاموس فلما التقوا ترجلت الملوك والبطارقة للقائهم وسلم بعضهم على بعض وتكلموا فيما بينهم بسبب العرب فقال لهم البطليوس لا تطعموا العرب فيكم ولا في بلادكم فإنما مثل العرب 2 كمثل الذباب ان تركته أكل وان منعته فر وهلك فاثبتوا واصدقوا العزم فلقد كاتبت لكم سنجاريب ملك برقة وكاتبت ملك ألواح وكأنكم بهم قد أتوا إليكم ولولا أنني أخشى ان العرب يأتون إلى بلادي لما يسمعون اني خرجت إليهم فيشتغل جماعة بقتالكم وجماعة يأتون إلى بلادي فيملكونها وليس فيها من يذب عنها إذا خرجت معكم لكنت في خدمتكم فانا نجد في
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»