فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٤
الا هو اننا ما اطلعنا على أحد من أصحاب جيش القادسية يريد الدنيا ولقد اتهمنا ثلاثة نفر فاتبعناهم فعجزنا عن وصف أمانتهم وزهدهم وهم طلحة بن خويلد الذي ادعى النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم والثاني عمرو بن معد يكرب والثالث هو قيس ابن هبيرة قال حدثنا من شهد فتح المدائن قال خرجنا بعد فتح القصر الأبيض وكان قد تحصن به رجال من المرازبة وكانوا أشد جلدا وأقوى عزيمة من جميع الفرس وتحالفوا أنهم لا يسملون ابدا والذين حصلوا وتولوا حصارهم كتيبة الأهواز وهي كتيبة القعقاع فلما رأينا عزمهم على الموت بعدنا عن نشابهم وحجارة مجانيقهم وطال علينا ذلك وشكونا ذلك إلى سعد وقلنا له قد حرمنا الجهاد بحصارنا لهؤلاء الاعلاج فقال سعد لسلمان تقدم إليهم ودبر شيئا فيه مصلحة للمسلمين وأمنهم فتقدم إليهم سلمان وكلمهم بالفارسية فأمسكوا عن رميه وقالوا له من أنت فقال أنا رسول من المسلمين اعلموا أن الرجل يقاتل عن نفسه وماله وولده إذا رجا الخلاص وما أرى لكم من خلاص قط وهذا الملك قد انهزم وأخذنا مملكته وخزائنه وما بقي في المدائن أحد غيركم فاتقوا الله في أنفسكم ولا تهلكوها وسلموا لنا هذا الحصن ولكم الأمان إلى أي جهة توجهتم لا يعارضكم منا أحد قال فلما سمعوا قوله قالوا لا نسلم حتى نهلك عن آخرنا ثم رموا سلمان بالنشاب فقرأ ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا وأشار إلى النشاب بيده فذهبت السهام يمينا وشمالا ولم يصبه منها شيء قال فلما رأوا ذلك قالوا زنهار فبحق ما تشير اليه من أنت قال أنا روزنة وقد عمرت أربعمائة سنة ولحقت آخر أيام عيسى بن مريم وطفت الأرض حتى لحقت بنبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم فلما أتيته أكرمني وخدمته فعظمني حتى أنه جعلني من أهل بيته فقال سلمان منا أهل البيت فلما سمعوا قوله وحققوا معرفته علموا أنه كان من عظماء أهل دينهم قال فصقعوا له وقالوا والله ما نخفي عليك شيئا من أمرنا وسبب قتالنا ليس بسبب مال ولا متاع وانما الملك قد مضى يريد نهاوند ولم يقدر على أخذ ابنته معه وهي مريضة وقد سلمها الينا فلزمنا من أمرها ما لزم فان كنتم تعطون الأمان عليها سلمنا لكم والا نموت يدا واحدة فلما سمع سلمان منهم ذلك قال دعوا هذه الامر حتى أشاور الأمير ثم عاد وحدث سعدا بما سمعه فقال يا عبد الله ان المسلمين قد انتشروا في العراق ونخاف أن يقع بهم أحد فلا يبقى عليهم ولكن قل لهم لكم علينا أن نذب عنكم وتكونوا في ذمامنا حتى تجاوزوا أي جهة تريدونها وبعد ذلك لا نضمن لهم ما يأتي
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»