جميعه غربي مصر وأرض البهنسا إلى آخر الصعيد من الجهة الغربية كلها مختصة ببني إسرائيل لا يشاركهم فيها أحد غيرهم وجعل يوسف عليه السلام هؤلاء العبيد خولة فلاحين وزراعا بأرض البهنسا والفيوم وغيرها وشرع في عمارتها وغرست فيها الأشجار على جانب البحر اليوسفي من الجهة الشرقية والغربية وكانت المرأة تخرج بمكتلها ومغزلها في يدها والمكتل على رأسها فلا ترجع الا وقد امتلأ من جميع الثمار من غير أن تمس شيئا بيدها فلما عصت بنو إسرائيل وجحدوا نعمة الله عز وجل وعملوا المعاصي نزع الله تلك النعمة من أيديهم وأعطاها لغيرهم فاحتووا على الملك دونهم بجحودهم نعمة الله وقتلهم أنبياء الله الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر حتى اتخذوهم أذلة بعد ان كانوا سادات واستعملوهم خولة وفعلة وبنائين وحجارين ونجارين واستخدموا نساءهم وأبناءهم ولم يزل بنو إسرائيل في أضيق عيش وأعظم بلاء وأشد كربة وأعظم بلية من تكليف ما لا يطيقون حتى أنقذهم الله عز وجل بمبعث موسى عليه السلام وليس هذا الكتاب مختصا بذلك واحتووا على المدائن والمزارع والبساتين ذكر خروج عيسى عليه السلام من مصر وإقامته بأرض البهنسا قال الله تعالى وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين الآية وتقدم انها البهنسا على اختلاف المفسرين قال أصحاب التواريخ وهم المسعودي وأبو جعفر الطبراني والواقدي وابن اسحق وابن هشام وأصحاب السير وأهل التفسير مثل سعيد بن جبير وسعيد ابن المسيب وابن عباس ومن تكلم في هذا الكتاب العجيب الذي لو كتب بالذهب لكان قليلا وقد جمع فيه كتب كثيرة وتواريخ وتفاسير وفتوحات قالوا كان مولد عيسى لمضي اثنتين وأربعين سنة من ملوك الطوائف وكانت الرياسة بالشام ونواحيها لقصير ملك الروم وهرقل كما تقدم في فتوح الشام وكان بالبهنسا قنطاريوس والله أعلم باسمه فلما سمع الملك هيردوس بخبر المسيح قصد قتله وذلك انهم نظروا إلى نجمه وقد طلع فعرفوا ذلك بحساب لهم في كتاب لهم فبعث الله ملكا إلى يوسف النجار وأخبره بما أراد هيردوس وأن يعلم مريم أن تخرج إلى أرض مصر فإنه ان ظفر بولدك قتله فإذا مات هيردوس فارجعي إلى بلادك فاحتمل يوسف مريم وابنها عيسى على حمار له حتى دخل مصر وورد أرض البهنسا وهي الربوة التي ذكرها الله في كتابه العزيز * (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) * وهناك بئر في المعبد يستشفون بمائها من الأمراض وهي التي كانت مريم وابنها يستقيان منها ويتوضأن منها للصلاة وكان هناك
(٢١٥)