فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٠١
تقاتل إلى أن تموت وهم خواص الملك وأصحاب الإيوان والحصون والقلاع ومقدمهم شهريار بن ساور فطعنه خالد بن نمير في عينه ففقأها وانثنى عليه بضربة بالسيف فقتله وإذ فاجأتهم خيالة من نحو الإيوان وقالوا لهم عمن تقاتلون فان الملك هرب بأمواله وأهله وخدمه قال فلما سمعوا ذلك ولوا الادبار ولم يكن بالمدائن أعجب من عبور المسلمين إليها وسموا يوم عبورهم الدجلة يوم الجراثيم لأنه لم يكن أحد يعبر الا ظهرت له جرثومة يسير معها وهي من القش المربوط حزما قال قيس بن أبي حازم خضنا الدجلة وهي تطفح فلما توسطناها كان يصل الماء من الفرس للحزام فلما نظرت الفرس إلى ذلك والمسلمون يعبرون من غير مشقة جعلوا يقولون بالفارسية ديمور يعني جاء الجن وقالوا والله ما أنتم تقاتلون انسا انما تقاتلون جنا فانهزموا وأراد المسلمون الدخول إلى الإيوان فمنعهم سعد من ذلك وقال لهم إياكم والعجلة في الأمور فإنها تورث الندامة واني أخاف أنها من بعض مكايد العجم فلم يدخل اليه أحد قال وتقدم سلام المجازي إلى سعد وكان غلاما وقال له أيها الأمير والله لقد أرضيت اليوم الله ورسوله وقتلت المقدم عليهم ثم إنه استشهد بقية رفاقه الستين فلم يشهد له أحد منهم فقال للغلام المجازي والله ما قتلته فنكس الغلام رأسه وأراد أن ينصرف وإذ قد وثب رجل من الصحابة اسمه هاشم بن عتبة وقال لسعد أيها الأمير أنا رأيته وقد قتل مقدم الفرس فصدقه سعد وأعطى الغلام سلبه قال الواقدي حدثنا عبد الله بن بشر قال حدثنا أبا سليمان بن عامر قال أخبرنا عبد الله ان يزدجرد الملك لما كان بأعلى الإيوان يوم خاض المسلمون الدجلة ورأى عبورهم والخيل لا ترجع والعرب لا تجزع والصحابة يتحدثون وهم في الماء كأنهم على الأرض أيقن بزوال ملكه وذهاب عزه فنزل وهو يبكي وأخذ من بيوت المال والخزائن من الثياب والآنية شيئا لا قيمة له ولا يعرف له ثمن وترك ما بقي عنده من عدة الحصار من الزاد والبقر والغنم ومن كل الأطعمة والأشربة وكان أول من دخل المدينة القصوى مسكن الملك وهي اسبانير يعقوب الهذلي ومعه الكتيبة الخرساء كتيبة القعقاع بن عمر فدخلوا يخترقون أزقة المدينة ولا يلقون أحدا قال فعزم سعد على الدخول في المدينة القصوى لما أمر زهرة بن الجويرية أن يذهب بعسكره ويتبع المنهزمين وسير كتيبة أخرى مع المرقال فلحق بحاجب بن حجاب ابن كسرى فخاطبه بالفارسية فقال ان العرب قد عبرت الينا ولم يعرفه فطعنه المرقال فقتله وأخذ غلمانه أسرى وموجودهم وأتى به إلى سعد ويقال أحد
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»