مرازبة كسرى الكبار كان يوم دخول العرب المدينة داخلها وكان غير مكترث بهم فخرج إلى ظاهر داره ورجع يريد منزله وإذا بغلمانه وهم خارجون من الدار يهرعون وقد أخرجوا الأمتعة فقال مالكم قالوا إن الزنابير قد غلبت على منازلنا فاخرجتنا قوة قال واشتد الصياح والبكاء والعويل من أهل المدينة وهم يلطمون على وجوههم فلما رأى المرزبان ذلك أخرج لامة حربه ولبسها وأتوه بجواده فشده وأسرجه فانقطع ثلاث مرات فمر به فارس من العرب فطعنه وقال خذها وأنا ابن المخارق ومضى عنه ولم يلتفت إلى سلبه قال ودخل سعد يطلب الإيوان فلما دخل المدينة دخلها وهو يقرأ * (وأورثناها قوما آخرين) * فلما دخل الإيوان ترجل وصلى فيه صلاة الفتح ثمان ركعات لا يفصل بينهما واتخذه مسجدا قال وكان في الإيوان تماثيل وصور فتركوها على حالها قال وأتم سعد الصلوات من يوم دخل الإيوان فإنه أراد المقام بها وجمع وكانت أول جمعة صليت بالعراق وبالمدائن في شهر صفر ثم إن سعدا تحول من الإيوان بعد ثلاثة أيام إلى القصر الأبيض واقام سعد على قبض أموال الغنائم عمرو بن عمرو بن مقرن وأمره أن يجمع ما في القصور والإيوان والخزائن والدور والأسواق وان يحصيها وكان أهل المدائن لما رأوا العرب في أرض واحدة خرجوا فرارا وأخذوا معهم ما قدروا على حمله وما انفلت أحد منهم المسلمون وأتوا به إلى سعد فتسلمه عمرو وصيرها في جملة ما جمعوه من الأموال وكان أول شيء جمعوه يومئذ بالقصر الأبيض ثم منازل كسرى وسائر دور المدائن قال جهد بن صبار دخلنا المدائن فمررنا بأبيار عليها أغطية من رصاص فظننا أنها طعام ففتحناها فإذا هي أوان من ذهب وفضة ورأينا كافورا كثيرا فحسبناه ملحا فما اعتبرناه قال وخرج زهرة في طلب المنهزمين فانتهى إلى جسر النهروان وإذا عليه كثير من الفرس بأعظم عدة وأحسن زينة وهم يزدحمون على الجسر قال ووقع بغل في الماء فتكاثروا عليه وصاح بعضهم على بعض قال ووقع منهم بغل آخر فصاروا في هرج ومرج فلما رآه المسلمون قال زهرة ان لهذا البغل لشأنا وما تكالب عليه القوم وصبروا مع ما في قلوبهم من الخوف الا لامر عظيم وقال احملوا عليهم وابذلوا فيهم السيوف قال فحملنا عليهم حملة صادقة فقتلنا منهم أناسا كثيرة وولى الباقي منهزمين وأخذنا البغل وإذا عليه حلة كسرى وثيابه ودرعه ووشاحه التي كان فيها الجوهر وكان يجلس بها للمباهاة قال فأتينا بها قال سهل بن سابق لما أخذنا البغل وأتينا به لم ندر ما عليه وعن يعقوب عن جده قال كنت مع من خرج في طلب المنهزمين وإذ نحن ببغلين مع اثنين وهما
(٢٠٢)