فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٠
السادات وركبوا خيولهم واقتحموا الدجلة واقتحم بعدهم الستون والستمائة في أثرهم وأول من نزل في الماء عاصم بن ولاد وأبو مقرن وشرحبيل ومالك بن كعب وغلام من بني الحرث فلما رأتهم الأعاجم وقد قربوا منهم وأعدوا للخيل التي تقدمت خيلا منهم اقتحموا الماء فأول من لقيهم من جيش سعد عاصم بن عمرو فلما لقي خيل فارس في الماء صاح بأصحابه وقال شرعوا رماحكم إلى الاعلاج واقصدوا أعينهم فلما سمعوا كلام عاصم قصدوا عيون العدا وسقوهم كأس الردى فلما رأت الفرس ثبات العرب في الماء كثباتهم في الأرض للطعن والضرب ولوا الادبار والمسلمون في أثرهم فقتلوا غالبهم وما نجا إلى الشط الا القليل وملك المسلمين جانب الشط من جهة الفرس وتلاحق المسلمون فلما علم سعد ذلك أذن للمسلمين بالاقتحام وقال لهم استعينوا بالله وتلاحق الجند ونزلوا الدجلة وهي ترمي بالموج والناس يجهدون في عومهم وهم لا يكترثون بالموج ولا بتلاطمه وكأنهم على وجه الأرض ونزل بأهل فارس ما لم يكن في حسابهم وقاتلوا قتالا شديدا قال الواقدي حدثني من أثق به ان أول من عبر من الجيش ستون فارسا خرجوا زمرا فأول زمرة تسعة أولهم عاصم والزمرة الثانية ثلاث وثلاثون قال عاصم ابن عمرو وقد اقتحمنا الدجلة خيلا ورجالا ودواب حتى نزلنا ولا نرى الماء من كثرة الناس وخرجت خيلنا وهي تنفض معارفها وتصهل على الشط الهاما من الله قال ولما رأى الملك كسرى ان المسلمين قد عدلوا إلى الجانب الثاني أمر شهريار بن ساور أن يبرز للمسلمين ويقف في مقابلتهم ففعل وأخذ كسرى ما قدر على حمله من أمواله من الدر والجواهر واليواقيت وما أشبه ذلك قال وان سعدا ليخوض الماء خوضا وهو يقول ذلك تقدير العزيز العليم قال ولم يغرق من الناس أحد قال الواقدي حدثني النعمان بن عاملة الضبي عن أبيه عثمان انهم سلموا عن آخرهم وان رجلامن بارق يقال له عرقدة زال عن فرسه وكانت شقراء وكأني انظر إليها وصاحبها غريق فمضى اليه القعقاع بفرسه وأخذ بيده وجره حتى عبر به فقالت الناس عجزت النساء أن تلد مثلك يا قعقاع ولم يذهب للناس في الماء شيء الا قدحا كانت علاقته رثة فانقطعت فذهب الماء بالقدح فقال صاحبه والله لأجهدن عليه وما كان الله ليسلبني قدحي من بين العسكر فلما عبروا أتى رجل من الناس ليغتسل وإذا بالأمواج قد رفعت القدح اليه فتناوله وأتى به إلى العسكر فعرفه صاحبه فأخذه قال الواقدي حدثني عمرو بن تميم قال بلغنا انه لما عبرت المسلمون تحامت الفرس وقاتلت قتالا شديدا وحمت أنفسها وعولت على أن
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»