فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٥
عليهم قال فحدثهم سلمان بما قاله الأمير فقال العقلاء منهم لولا أن العرب على حق ما نصروا علينا ومن الرأي ان نرجع إلى دين هؤلاء العرب ونعيش في ظلهم وان القوم لا يريدون ملكا وقد رأيتم هذا الرجل وما ظهر لكم من كرامته قال ففتحوا باب السر وخرجوا إلى العسكر وأتوا إلى سلمان فأتى بهم إلى سعد وأسلموا على يديه فلما جرى ذلك بكى سعد وقال اللهم انصر الاسلام وقرأ قوله تعالى * (وتلك الأيام نداولها بين الناس) * وبعث إلى صاحب الاقباض فأخذ جميع ما في القصر الابيص من الأموال وخزانة الملك فلما قسم الغنائم على المسلمين أعطى أولئك أوفى نصيب وأنزل على واحد منهم في داره فلما رأى أهل البلد ذلك منه وما صنع مع هؤلاء دخل في دين الاسلام منهم ألوف اقتداء بالقوم قال الواقدي حدثنا موسى بن عبد الله عن عمرو عن جده يحيى قال بلغنا غير هذا وذلك أن هاشم بن عتبة تبع المنهزمين من جنود الملك فانتهى سيره إلى مرج حلوان فالتقى بكتيبة من أهل فارس بالعدد والسلاح والهوادج والخدم والجواري والمماليك وقد داروا بمحفة من العود الرطب وعليها من الثياب الملونة المذهبة وأهلتها من الذهب مرصعة بالجواهر وقاتلوا دون المحفة قتالا شديدا وكانت المحفة لشاهران ابنة الملك يزدجرد بن كسرى وكان السائر بها ساقر بن هرمز فقتله وقتل أصحابه أكثر ما كان مع ساقر وولى الباقي منهزمين وتسلم هاشم المحفة وما حولها وأتوا بذلك كله إلى سعد وأعلموه بأن ابنة كسرى معهم فقرأ سعد قوله تعالى قل الله مالك الملك الآية ثم أشرف سعد على ما بقي من الخزائن فوجد صندوقا عظيما ظاهره وباطنه بالديباج المذهب وفي داخله بساط كسرى وهو البساط الذي كان يفتخر به على الملوك ملوك الدنيا كله ذهب منسوج بالحرير منظوم بالدر واليواقيت الملونة والمعادن والجواهر المثمنة والزمرد وكان طوله ستين ذراعا قطعة واحدة في جانب منه كالصور وفي جانب كالشجر والرياض والأزهار وفي جانب كالأرض المزروعة المقبلة بالنبات في الربيع وكل ذلك من الحرير الملون والمعادن على قضبان الذهب والزمرذ والفضة وكان الملك لا يبسطه الا في أيام الشتاء في إيوانه إذا قعد للشراب وكانوا يسمونه بساط النزهة والمسرات فيكون لهم شبه الروضة الزهراء فلما رآه العرب قالوا والله هذه قطيفة زينة قال ولما قسم سعد على الناس الغنائم أصاب الفارس اثنا عشر ألف دينار وكلهم كانوا فرسانا ولم يكن فيهم راجل وأخرج للغائبين مع النساء والحريم في الحيرة نصيبهم وقسم الدور بين الناس وكان قد ولى القبض عمرو بن عمرو المدائني وولى
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»