فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٩٣
وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وانا وصلنا إلى العراق والتوفيق يقدمنا والنصر يؤيدنا وقد اطلع الله على قلوبنا وامتحن خفي أسرارنا فما وجد فيها سواه ولا نعبد الا إياه فوفى لنا بوعده إذ وفينا بصادق عهده فلقينا العدو وهو شاكي السلاح وغير راجع عن الطماح وقد شمر لنا عن ساق الجد فدارت لنا عليه الدوائر فهزمنا كتائبهم وزلزلنا مواكبهم واستأصلنا شأفتهم وقتلنا مقدمهم فجرى بذلك سابق القدر وأخذناهم أخذ عزيز مقتدر وملكنا الحيرة والقادسية وأنزل الله بأعدائنا الرزية فلما كان بعد الفتح بيوم قدم المرقال وهشام وسبعون رجلا من الصحابة وبعده بثلاثة أيام قدم سبعمائة من الشام من جند أبي عبيدة ولم أسلم لأحد شيئا من الغنيمة ونحن ننتظر أمرك في ذلك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وعلى جميع المسلمين وسلم الكتاب إلى زيد بن عمرو فركب نجيبه وسار نحو المدينة قال أخبرنا أحمد بن عمر قال حدثني سابق بن مسلم قال وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنهم يركب في كل يوم نجيبه ويقصد طريق العراق إلى قريب الظهر وذلك لما بلغه أن رستم نزل على القادسية قال فخرج على عادته إذ لقيه البشير وهو نوفل فلما رآه نوفل أبرك ناقته وسلم على أمير المؤمنين وقال له أبشر بكل خير ودفع كتاب سعد وهو يقول قد هزم الله العدو ونصر الموحدين وملكنا الحيرة والقادسية بهم فرقى المنبر وقرأ عليهم كتاب سعد وقال ألا وان اخوانكم المسلمين يقرئونكم السلام وقد اتبعوا الكتاب والسنة وحادوا عن طريق البدعة وأقاموا على شرائع الهدى وأرادوا المشورة فيمن قدم عليهم فأما الجواب فالغنيمة لمن شهد الوقعة والمواساة لمن لحق بهم بعد الوقعة بثلاثة أيام ونزل عن المنبر وكتب إلى سعد بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد سلام عليك فاني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم وقد وصلني كتابك فحمدت الله كثيرا بما فتح الله على أيديكم واني قد أبليت بكم وأبليتم بي واني والله لا أحصى شيئا من أموركم فأعلمه وأما إذا اجتمع صلح فإذا أشفق الوالي ونصحت الرعية وعمل الاحسان وعلى الرعية الصبر والشكر وأما الغنيمة فلمن شهد الوقعة والمواساة لمن أتى بعد ثلاثة أيام ومن شهد حربكم من مملوك وعتيق بعد ثلاثة أيام فأشركوه الزموا الاحسان فيما فتح الله عليكم وختم الكتاب وسلمه للرسول فسار يجد السير إلى أن أتى سعدا ودفع اليه الكتاب فلما قرأه كتب اليه بعد البسملة يعلمه بما تجدد أما بعد يا أمير المؤمنين فاني لم أر فارسا مثل القعقاع بن عمرو التميمي فإنه حمل في العدو في يوم واحد
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»