خالد بجيش الزحف فجعلهم حطاما ولم يكن عليها يومئذ سور يمنع فاخذها بالسيف ونظر إلى نينوي فإذا هي مدينة قد أخذت السهل والجبل فقال ما هذه فقيل هذه نينوي فقال لعلها مدينة يونس بن متى عليه السلام قال الواقدي وكان ملكه يومئذ الملك أنطاق فكاتبه عياض فأبى فانفذ اليه الجزيري صالح فقال لئن لم تجب هؤلاء إلى ما أرادوه والا أذقتك شرا ولا أترك لك عيشا فكتب اليه يقول اني أصالحهم إلى ستة أشهر حتى أرى ما يكون من أمر كسرى فان فتحوا بلده دخلت في طاعتهم قال وكان هو من تحت يد كسرى فأجابه المسلمون إلى ذلك وصالحوه على موجها ومرجها وكتب عياض إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلمه بما فتح الله عليهم فكتب اليه يقول بسم الله الرحمن الرحيم من عياض بن غنم الأشعري إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أما بعد سلام الله عليك ورحمته وبركاته فاني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فالحمد لله الذي أيد الاسلام بنصره وأدحض الشرك بقهره ولله الحمد على ما أولى ومنح وأزال وكشف ورفع وصرف من عظائم وأخذ من غنائم حمدا يزيد الآمال انفساحا والصدور انشراحا وقد لانت الشدة صلابتها ورقت الأيام بعد قساوتها ويسر الله تعالى أمرها وقد أوردت الأعداء موارد المهالك وضيقت عليهم المسالك فارتبكوا في زقاقهم واشتركوا في وثاقهم ولم يجدوا في الأرض نفقا ولا في السماء مرتقى واشتد بهم الفرق وأزعجهم القلق وانهم احتالوا وخايلوا وداهنوا وأرسلوا وأظهروا البعد عن الآثام والدخول إلى الاسلام والتنزه من الظلم والجنوح إلى السلم فأقررناهم على ذلك بعد أن أشرفوا على المهالك فمنهم من أسلم وبايع ومنهم من أقام تحت الذمة وتابع وقد نشر الله أعلامنا وأعز ديننا وقهر عدونا وشد سيوفنا وأعلى كلمتنا وأظهر شريعتنا وقد صرف الله سورتهم وأخمد نارهم وأزال نصرتهم وكفى البلاد والعباد مؤنتهم والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والسلام عليك وعلى جميع المسلمين ورحمة الله وبركاته وبعث خمس ما تحصل من ديار بكر مع شرحبيل بن حسنة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضم اليه مائتي فارس وسلمه الكتاب وأمره بالمسير فسار شرحبيل وبعد أيام وصل إلى عياض من العراق عامر بن مزينة رسولا من عند سعد بن أبي وقاص يستنجد عياضا على كسرى فأنفذ له نجدة ثم فتح الله العراق على يد سعد وما جرى له من الحروب والوقائع نذكر من أمره ما كان والله الموفق
(١٨٣)