فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٥٩
نصنع في بيعتكم قال تذكرون فيها ربكم قال ما كنا ندعي إلى ذكر ربنا فنتأخر عنه قال فربطو خيلهم ودخلوا ما أراد اسلاغورس بذلك الا أنه قد زخرفها وصور فيها بيت المقدس والصخرة وقبة السلسلة ومحراب داوب ومهد عيسى وصورته وأمه مريم فلما توسطها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ الحكم بن هشام * (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) * ورفع بها صوته فقال لا والله وانما أقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله قال فوالله لقد ماجت بيعة القوم وتزلزلت وصفقت القناديل بعضها ببعض قال وكان للبيعة شيخ عالم بالأديان والشرائع وكان اسمه عبد المسيح فلما نظر ما حل بالبيعة والقناديل صلب على وجهه وكذلك كل ما كان فيها وقالوا لملكهم أنت ما أردت الا هلاكنا إذ أدخلت هؤلاء العرب الينا أما ترى كيف غضب المسيح علينا فقال البطريق لا وحق المسيح ما هو الا توحيدهم الله وذكر نبيهم أظهر لكم من معجزة نبيهم ما رأيتموه يا ويلكم إذا كان قد فتح لهم باب في السور ودخلوا منه علينا فكيف لا تعتز البيعة وتصفق القناديل لما دخلوها وأنا كنت في شك مما ذكرت والآن فيا طوبي لمن كان على دينهم قال الواقدي وكان هذا خادم بترك بيت المقدس وكان في بيت المقدس يوم فتحت على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسمع من البترك في بيت المقدس وهو يقول هذا الذي يفتح الأرض في طولها والعرض ومحمد هو الذي بشر به المسيح بن مريم ولقد سأله رجل لما رأى المسلمين يعظمون الصخرة ويقبلون القدم الذي فيها فقال للبترك نرى المسلمين يقبلون قدم المسيح فقال له يا بني نحن نقول إنه قدم المسيح وانما هو قدم نبيهم محمد بن عبد الله لما عرج به إلى السماء قال أو عرج به فقال نعم أسرى به من مكة إلى بيت المقدس وصلى بالنبيين وأسرى به قال الحكم وذلك لما استبشرت به النفوس وبلغ خبر رسالته وانه زيد في كماله وأشرقت أنوار جماله وأراد الحق أن يشرفه على أهل الكونين باقترابه من قاب قوسين فنودي في عالم الملكوت تأهبوا ثم تأدبوا فهذه ليلة الدنو والاقتراب هذه ليلة عتق الرقاب هذه ليلة الحبور هذه ليلة السرور هذه ليلة الابتهاج هذه ليلة المعراج انصبوا سلم الارسال وافرشوا فرش الاظلال وقوموا على أقدام الاسترسال يا جبريل زخرف الجنان وزين الحور والولدان يا جبريل انزل بالتهاني إلى بيت أم هاني أيقظ حبيب مملكتنا وأركبه على براق قدرتنا لنريه من آياتنا فأخذ جبريل مطية خلقها
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»