فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٥٣
وكتب له كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عياض بن غنم الأشعري إلى أمير المؤمنين عمر بن الحطاب رضي الله عنه سلام عليك فاني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه أما بعد فان الله قد فتح علينا يسير ما كان عسيرا وكان لعدة الفتيان شعاع يخطف العيان فلما تضايقوا أمامي وازدحموا قدامي عاينت جيشا كثيفا وسدا منيفا قد اقبلوا من ألافواج وتتابعوا كالأمواج وتناصروا من كل صوب واشتهروا في كل ثوب والحديد يتالق كالحريق وقد تطايرت السيوف فللا والأرماح كعوبا وانقضت المدة وقد وضعت الحرب أوزارها وانطفأت نارها بعد ما قتل المسلمون أهل الطغيان الفاسقين ونصر الله الكفارة وخذلت العتاة وولت الأعداء الأدبار وأراحنا الله من مضرتهم وطهرت البلاد من كفرهم وكان زعيمهم الخائن وملكهم أول مخذول وأهون مقتول وبعد ذلك فتحنا رأس العين ونحن بعد ذلك معولون على ديار بكر والله المعين وبه نستعين والسلام عليك وعلى جميع المسلمين واقرأ سلامنا على قبر سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ثم طوى الكتاب وختمه وسلمه مع الخمس لعبد الله بن جعفر الطيار وضم اليه مائة فارس من المهاجرين والأنصار فسار عبد الله ومن معه وأقام المسلمون على رأس عين شهرا وعمل بيعة نسطوريا جامعا وصلوا فيه وبنوا الكنائس مساجد وترك عرفجة بن مازن العامري عليها واليا ومعه مائة فارس وأخذ مال الرها وكفر توتا فأخرج منه الخمس وأرسله بعد عبد الله بن جعفر مع سلامة بن الأحوص ومعه خمسون فارسا ذكر فتح دارا وبيرحا وباعماء قال ورحل عياض بن غنم من رأس العين ونزل على كفرتوتا واقبل اليه الغلام يرغون فرحب به وولاه على المدينة وعرض الاسلام على الجارية طاريون فأسلمت وزوجها بابن عمها وبنى البيعة جامعا وارتحل منها إلى دارا فنزل عليها وخرج اليه أهلها واعتقبوا لهم منه صلحا وكان جملة ما صالح عليه أهل دارا عشرين ألف مثقال ذهبا وثلاثين ألف مثقال فضة وأن لا يبقوا سلاحا فأجابوا إلى ذلك وبنى كنيستهم جامعا وما أسلم منهم الا القليل وأقرهم على أداء الجزية وارتحل عن دارا وقصد بيرحا فصالح أهلها على ربع ما صالح عليه أهل دارا ورحل عنها وكانت بنو إسرائيل تعظمها وتقصد إليها بالنذور وكان بانيها حزقيا بن تورخ بن بازيا أحد أنبياء بني إسرائيل فخرجوا إلى عياض وصالحهم على قدر ما صالح به أهل دارا غير أن مقدمهم قال انني لم أزل أملك البلد حتى يأتيني الموت ومن أراد أن يدخل في دينكم من أهل بلادنا فلا مانع يمنعه فقال له عياض ما اسمك قال اسمي
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»