القصر باسمه عمودا وليس عند أمه مارية خبر بما فعل الزمان به وانقضت الأيام واندرجت الأعوام حتى قدم عسكر المسلمين يريد فتح أرض الجزيرة فلما شاور الملك أرباب دولته في أمر العرب أشار عليه توتا أن يزوج ولده عمودا من الملكة فإنها لا تصلح الا له وهي بكر ولها من العمر ثلاثون سنة وقد خطبها الملوك وأبناؤهم فلم ترض بهم لأنها تراهم دونها وأنت إذا طلبتها لولدك لم يمتنع من ذلك أبوها ويفرح بمصاهرتك فأجابه إلى ذلك وبعث إلى أرسوس بن جارس هدية عظيمة وقال لتوتا كن أنت الواسطة في ذلك فسار توتا إلى ارسوس وسلم عليه ودفع اليه الهدية فقبلها وتحدث معه فيما ذكرناه فاجابه إلى ذلك وطلب منه الصداق مائة ألف دينار والبارعية وجملين وعشرين أميرا من العرب ليقتلهم قربانا للمسيح ليلة زفافها فاجابه توتا إلى ذلك فركب ارسوس إلى قلعة ابنته ودخل عليها وأعلمها بالخبر فرضيت فخرج من عندها وجمع القسوس والشمامسة وزوج ابنته لعمودا وليس عندهم خبر من أحكام القدر قال الراوي ورجع توتا إلى الملك شهرياض وأعلمه ان الأمر قد انبرم وأعلمه بما اشترط عليه أرسوس من القلعتين البارعية وجملين ومائة ألف ديناروعشرين أميرا من العرب ليقربهم ليلة زفافها ففرح بذلك وأنفذ الأموال وقال إذا زفت اليه سلمت إلى أبيها القلعتين ثم إنه طلب عمودا وأخبره أنه قد زوجه ابنة ارسوس بن جارس وقال له اعلم يا بني ان من جملة الصداق عشرين من فرسان العرب فتجهز وخذ العسكر واقصد العرب وأمر أن يخرج معه توتا الوزير ورودس صاحب حران وقال لهم ان قدرتم أن تكبسوا العرب فافعلوا ومضوا في عشرين ألفا قال الراوي واتت عياضا عيونه وأخبرته بما جرى وانهم قد اقبلوا إليك وهم رودس صاحب حران وصاحب كفر توتا وعمودا ابن الملك في عشرين ألفا وهم يريدون كبسكم في الليل فاستيقظوا لأنفسكم قال فجمع عياض وجوه الصحابة واستشارهم فقال خالد بن الوليد اكتب من وقتك إلى عبد الله بن غسان وسهل بن عدي أن يسيروا الينا من قوتهم ويعلمهم بما قصد العدو فيكونون منهم على حذر فإذا قربوا منهم يكمنون لهم حتى يعبروهم ويصير أصحابنا من ورائهم ونكمن نحن عن يمينهم وشمالهم ثم نطبق عليهم فقالوا كلهم هذا هو الرأي المصيب وخرج خالد في ألفين وكتب في الحال إلى عبد الله وسهل يأمرهما باللحوق بعسكر خالد ويوصيهما بما يفعلان وبعث الكتاب مع سراقة بن دارم فوصل اليهما في يومه على ناقة له فلما وصل وقرأ الكتاب ارتحلوا من ساعتهم وأطلع الصحابة على الخبر
(١١٩)