فكانت الأسارى أربعة آلاف والقتلى ألفا وسبعمائة وستة وستين وولى الباقي الأدبار فوصلوا إلى الملك شهرياض فأعلموه بما وقع فضاقت عليه الأرض بما رحبت وعلم أن دولته قد انقرضت وأن أيامه قد اضمحلت ومضت فأحضر من بقي من أرباب دولته فاستشارهم فيما يفعل فقالوا أيها الملك ان مقامنا على راس العين سفه فان بينه وبين حران والرها وسروج بعيد يطمع العرب في بلادنا بل الرأي ان نرحل ونتوسط البلاد وتكون قلاعنا أقرب منا والميرة تصل الينا من كل جانب فان كانت لنا وانهزمت العرب أخذنا عليهم سائر الطرقات وان كانت علينا انهزمنا إلى ماردين وقلعة مازن وكفر توتا وقصدنا جملين وتل توتا والبارعية وتل سماوي وتل القرع والصور ودجلة الجبل ونأمن على أنفسنا قال فأجابهم إلى ذلك وارتحل من برج الطير وقصد رأس العين ورتب آلة الحصار وترك في المدينة عشرة آلاف فارس مع مرتودس وكان من الفرسان المشهورة وهو متزوج بابنة الملك شهرياض فلما رتب أمره رحل إلى مرج رغبان حدثنا أبو يعلى عن طاهر المطوعي عن أبي طالب بن مليحة عن وهبان بن بشر بن هزارد قال قرأت الفتوح من أوله إلى آخره بجامع الرصافة على أحمد بن عامر الحوفي وأحمد قرأ على سعدان بن صاحب وابن صاحب قرأ على يحيى بن سعيد المروزي ويحيى قرأ على أبي عبد الله ابن محمد الواقدي وهو يومئذ قاضي الجانب الغربي قال لما نزل الملك شهرياض على مرج رغبان بجيوشه ارتحل عياض في اثره بعدما كتب بخبر الوقعة وفتح زبا وزلوبيا والخابور إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسأله الدعاء وبعث الكتاب والخمس الخمس وما أخذه من القلاع وأرسله مع حبيب بن صهبان وضم اليه مائة فارس فاسر إلى المدينة وأما عياض بن غنم ومن معه من عساكر المسلمين فإنهم تبعوا شهرياض إلى أن نزلوا مع العدو بمرج رغبان قال فنزلوا في مقابلتهم قال واتصلت الاخبار بارسوس بن جارس صاحب ماردين بأسر عمودا فأحضر ابنته اليه وقال لها أي بنية اعلمي أن بعلك قد أسر وهو ابن الملك ونحن نخاف العار بأن يقال مارية بنت أرسوس ما كانت موافقة على ابن الملك وانه لما تزوج بها أسر وقد حرت في أمري فقالت له مارية يا أبت وحق المسيح لقد قلت الحق وتكلمت بالصدق فما عندك من الرأي قال لها وما عندك أنت قالت أريد أن أتنكر وأدخل إلى عسكر المسلمين وآتي أميرهم وأقول له اني قد أتيت أسلم على يديك لرؤيا رأيتها وهو أني رأيت المسيح في النوم ومعه الحواريون وكأني أشكو للمسيح ما نزل بنا منكم وكأنه يقول لي اسلمي فان القوم على الحق وقد جئتكم لأسلم وأمللكم قلعة أبي وتتركوني أنا في قلعتي
(١٢١)