ورجعت إلى دينك الأول فأين تهرب منا أو تولي عنا ونحن لك في الطلب وسوف نملك هذه المدينة بالسيوف ونضرب عنقك وهذا أيضا من تمام الحيلة فقال يا معاشر العرب لقد نصحتكم وخدمتكم وما رأيت منكم الا خيرا ولكن طالبتني نفسي بديني فرجعت اليه والآن فقد مضى ماضي وهذه المدينة ما لكم إليها وصول ولا تقدرون عليها لأنها حصينة وفيها رجال الحرب والقوت عندنا كثير ولكن انفذوا الينا منكم عشرة من أعز أصحابكم ممن نثق بهم يحلفون لنا ونحلف لهم إذا فتحتم راس العين سلمنا هذه المدينة إليكم ويكون الصلح بيننا بقية هذه السنة فقد بقي منها أربعة اشهر أولها شهر رمضان فقال له عبد الله بن غسان قد أجبناك إلى ذلك فمن هم العشرة الذين تريدهم حتى نرسلهم إليك فقال أريد المقداد بن الأسود والأسود مولى قيس وخالد بن جعفر ورواحة بن قيس وهمام بن الحرب وسلامة بن عامر وابن نعيم فهؤلاء نريدهم فإنه لا يقع الصلح الا بهم قال فوجه عبد الله هؤلاء الذين ذكرهم له يوقنا قال وفتح لهم الباب فقال له عبد الله نحن ما نسمح بأصحابنا بلا رهائن فمضى يوقنا إلى الملكة أرمانوسة وأخبرها أن القوم يريدون رهائن فقالت أرسل لهم من أولاد السوقة قال يوقنا أيتها الملكة ان الحيل في الحرب من عند العرب خرجت والملوك من شأنها إذا قالت قولا وفت به واعلمي أنه قد قال حكيم الفرس إذا كان الغدر طباع قوم فالثقة بكل أحد عجز واعلمي ان أهل بلدك فيهم رؤساء وملوك وهم يعظمون شأنك بعد الملك ولكن ينظرون إليك بعين التأنيث وينظرون إلي بعين الغربة ولا هيبة لي عندهم وربما سمعوا بصلحنا مع العرب فلا يملكونا من ذلك ولا يتم لناما نريده وربما يرسلون يستنجدون علينا بمثل ملك الموصل وصاحب الهنكارية ويعظم الأمر قالت فما الذي تراه من الرأي قال الرأي ان نبعث الرؤساء رهائن عند العرب وانما فعل ذلك يوقنا حتى لا يتعرض له متعرض في المدينة وإذا سلمهم لا يكون فيها رئيس من رؤسائهم فاجابته إلى ذلك وأنفذت الرؤساء منهم رهائن إلى عبد الله بن غسان فلما وصلوا اليه دخل العشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما حصلوا في المدينة أمر بهم إلى البرج الكبير وهو المعروف ببرج المنذر وانما فعل ذلك حتى لا يعصي من في البرج لأن فيه مال أهل البلد فلما حصلوا هناك رجع إلى الملكة ارمانوسة وقال قد حصلتهم في البرج وغدا نوقفهم بأعلى البرج ونقول لهم أما أن ترحلوا عنا أو نقتلهم قالت وكيف نصنع برهائننا وان نحن فعلنا بأصحابهم ما ذكرت يفعلوا بأصحابنا كذلك قال لها يوقنا
(١١٥)