فإذا قال أميرهم فكيف تملكيننا قلعة أبيك وهي أمنع الحصون وأحصن القلاع فأقول له يرسل معي من فرسانهم مائة فارس من صناديدهم وأدخلهم في قلعتي وأجعلهم في صناديق وأرسلهم إلى قلعة أبي وأسير معهم إلى والى قلعة أبي وأقول هذه الصناديق فيها أموالي وأريد أن أجعلها في خزانة أبي فإذا حصل القوم عندي رميتهم في المطامير وأقول لهم لست أدعكم حتى ترسلوا إلى أميركم يرسل إلي بعلي فقال لها أبوها انك تريدين أن تلقي نفسك في الهلاك وان العرب لا تتم عليهم الحيل لأنهم هم أربابها قالت وان طلبوا مني رهائن فإذا وقع الفداء باصحابهم طلبت الرهائن مع بعلي فقال لها دبري ما تريدين فلعل أن يكون فيه المصلحة قال فنزلت في الليل وقصدت مرج رغبان ومعها خادم وأربعة مماليك يسوقون بغلتها وعليها من الهدايا والتحف والطرف قال فلما وصلت إلى تنيس التقت بغلمان أبيها وحاجبه ومعهم أربعون أسيرا من العرب منهم عبد الله بن غسان وأمثاله قال وكان السبب في ذلك أن عياض بن غنم لما ارتحل يطلب راس العين مع هؤلاء السادة الذين مع عبد الله بن غسان بحسب العادة في سيرهم إلى حران وسروج والرها لياتوا بالطعام والميرة للعسكر فساروا فلما توسطوا البلاد لقيهم السائس ابن نقولا وجرجيس بن شمعون وقد أقبل بميرة عظيمة لعسكر الملك شهرياض ومعهم ثلاثة آلاف غائصون في الحديد فلما رأوا قلة المسلمين طمعوا فيهم فاقبلوا وأطبقوا عليهم من كل جانب فأخذوهم قبضا بالكف وأحضروهم بين يدي الملك شهرياض فهم بقتلهم فقال له وزيره أيها الملك ليس هذا براي لان ولدك عمودا في يد العدو ورودس صاحب حران وتوتا صاحب الحجاب فان أنت قتلتهم قتلوا أصحابك وولدك والصواب أنك ترسلهم إلى قلعة ماردين يعني قلعة المرأة وتسلمهم إلى الملكة مارية ويكونون عندها فإذا طلبتهم العرب تقول لهم أنهم بقلعة ماردين وليس هم في أسرنا ونحن لا نبالي بمن هم عندهم فيكون أعظم لحرمتك وهيبتك فاستصوب رايه وأرسلهم إلى مارية مع صاحب أبيها فالتقت بهم على تنيس كما ذكرنا فأمرت الحاجب أن يوصلها إلى قلعتها ففعل ثم إنها سارت حتى أتت إلى عسكر المسلمين في حندس الليل فكان يطوف في العسكر سهل بن عدي ونجيبه بن سعد في جماعة فلما رأوها أتوا إليها وسألوها عن حالها فقالت أريد أميركم فأتوا بها إلى عياض بن غنم فلما وقفت بين يديه قدمت له الهدايا وهمت أن تسجد له فنهاها وقال إن الله قد اعزنا بالاسلام وانقذنا من الضلال بمحمد صلى الله عليه وسلم فأزال عن قلوبنا الغل والحسد واتباع الهوى وشرفنا بالتحية ونزهنا أن يسجد بعضنا
(١٢٢)