فركبوا وأنفذ عبد الله عيونه يتجسسون له خبر العدو قال الراوي وأما خالد فإنه انفصل من عياض في ألفين ولم يأخذ بهم على الجادة بل ارسل ألفا عن يمين الطريق وأمر عليهم ابن سعدا وألفا عن يسار الطريق مع خالد وأمر سعدا ان لا يبعد عن الطريق وارسل عيونه قال الواقدي انه لما سار عمودا وتوتا ورودس في العشرين ألف فارس لم يزالوا سائرين إلى أن بقي بينهم وبين عسكر عياض بن غنم عشرة فراسخ فنزلوا في مكان يستريحون ويعلقون على خيلهم ويلبسون لامة الحرب قال الواقدي وسار جيش عبد الله بن غسان من ورائهم وسار خالد بن الوليد عن يمينهم ونجيبه بن سعد عن يسارهم وليس عند الروم خبر من ذلك فلما علم خالد أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحدقوا بالقوم أرسل يعلم المسلمين أن يتأهبوا إلى وقوع الصوت قال فتأهبوا ثم أن خالدا أخذ خمسمائة من أبطال المسلمين وترك خمسمائة مع عدي بن سالم الهلالي وقال له إذا رايت الحرب قد اشتعل نارها وتطاير شرارها فأخرج من كمينك ثم إن خالدا لما قصد جيش العدو بمن معه وتظاهر لهم رفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير قال فسمعت الروم أصواتهم فلبسوا سلاحهم ولم يركب منهم سوى رودس وأصحابه وهم خمسة آلاف ولم يكن فيهم مستيقظ سواه وتوتا مشغول مع عمودا قال وان صاحب حران استقبل خالدا واستصغر شأنه لما رآه في شرذمة قليلة فطمع فيه واشتغلت الروم بالنظر إليهم وقالوا رودس يكفينا أمرهم قال فبينما هم ينظرون إذ صاح خالد بعدو الله رودس وانحط عليه انحطاط السحاب وهو يقول هذه الأبيات * وانا لقوم لا تكل سيوفنا * من الضرب في أعناق سوق الكتائب * سيوف دخرناها لقتل عدونا * واعزاز دين الله من كل خائب * قتلنا بها كل البطارق عنوة * جلاء لأهل الكفر من كل جانب * إلى أن ملكنا الشام قهرا وغلظة * وصلنا على أعدائنا بالقواضب * أنا خالد المقدام ليث عشيرتي * إذا همهمت أسد الوغى في المغالب * وفاجأ رودس بطعنة فالقاه على وجه الأرض فأوثقه غلامه همام وحمل في أصحابه هو ومن معه قال فهم في ذلك إذ خرج عليهم نجيبه بن سعد وعدي بن سالم وأشرف من بعدهم عبد الله ابن غسان فامتلأت الأرض بالزعقات وارتجت سائر الجهات وصدموهم على الخيل العربيات ونادوا باسم جبار الأرض والسماوات وأطبقوا عليهم من كل جانب وكان التوفيق للصحابة مصاحبا فما لحقت الروم أن تركب على خيلها الا والسيف يعمل فيهم فطحطحوهم وفرقوا مواكبهم واستوثقوا منهم أسرى وأخذوا عمودا وتوتا
(١٢٠)