فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٧٣
وقالت على أي باب قتل بعلي فقيل لها على باب توما والذي قتله هو صهر الملك قال فسارت إلى أصحاب شرحبيل بن حسنة فاختلطت بهم وقاتلت مع الناس قتالا لم ير مثله وكانت أرمى الناس بالنبل وكان قد جعل لها قوس وكنانة قال شرحبيل بن حسنة رايت يوم حصار دمشق رجلا على باب توما يحمل الصليب وهو امام توما وهو يشير اليه اللهم انصر هذا الصليب ومن لاذ به اللهم اظهر له نضرته وأعل درجته قال شرحبيل بن حسنة وانا دائما أنظر اليه إذ رمته زوجة ابان بنبلة فلم تخطىء رميتها وإذا بالصليب قد سقط من يده وهوى الينا وكأني أنظر لمعان الجوهر من جوانبه فما فينا الا من بادر اليه ليأخذه وقد استتر بالدرق وتزاحم بعضنا على بعض كل منا يسبق اليه ليأخذه ونظر عدو الله توما إلى ذلك من تنكس الصليب الأعظم واهوائه إلى المسلمين فعند ذلك كفر وعظم عليه الامر وقال يبلغ الملك ان الصليب الأعظم أخذ مني وملكته العرب لا كان ذلك أبدا ثم إنه حرم وسطه وأخذ سيفه وقال من شاء منكم فليتبعني ومن شاء فليقعد فلابد لي من القوم عسى ان أشفي صدري ثم انحدر مسرعا وأمر بفتح الباب وكان هو أول مبادر فلما نظرت الروم إلى ذلك لم يكن فيهم الا من انحدر في أثره لما يعلمون من شجاعته وخرجوا كالجراد المنتشر هذا والمسلمون محيطون بالصليب فلما خرج الروم ووقع صياحهم حذر الناس بعضهم بعضا فلما نظر المسلمون إلى الروم سلموا الصليب إلى شرحبيل بن حسنة وانفردا لأعدائهم وحملوا في أعراضهم وأخذهم النشاب والحجارة ومن كل مكان من أعلى الباب فصاح شرحبيل بن حسنة معاشر المسلمين تقهقروا إلى ورائكم لتأمنوا النشاب من أعداء الله العالين على الباب قال فتقهقر الناس إلى ورائهم إلى أن أمنوا من ضرب النشاب فاتبعهم عدو الله توما وهو يضرب يمينا وشمالا وحوله أبطال المشركين من قومه وهو يهدر كالجمل فلما نظر شرحبيل بن حسنة ذلك صرخ بقومه وقال معاشر الناس كونوا آيسين من آجالكم طالبين جنة ربكم وأرضوا خالقكم بفعلكم فإنه لا يرضى منكم بالفرار ولا أن تولوا الادبار فاحملوا عليهم واقربوا إليهم بارك الله فيكم قال فحمل الناس حملة منكرة واختلط الناس بعضهم ببعض وعملت بينهم السيوف وتراموا بالنبل وتسامع أهل دمشق ان توما خرج إلى العرب من بابه وان صليبه الأعظم سقط إليهم من كف حامله فجعلوا يهرعون إلى أن تزايد أمرهم وجعل عدو الله ينظر يمينا وشمالا وينظر الصليب فحانت منه التفاتة فنظر فرآه مع شرحبيل بن حسنة فلما نظر اليه لم يكن له صبر دون أن حمل وصاح
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»