فلما نظر اليه البطريق كلوس علم أنه أمير الجيش وعلم أنه يقصده فتأخر كلوس إلى ورائه من مخافته فلما نظر خالد إلى قهقرة كلوس إلى ورائه حمل عليه ليرده فوقعت عليه البطارقة ورموه بالسهام فلم يلتفت إليهم خالد ولم يعبأ بهم ولم يرجع حتى قتل عشرين ثم انثنى بجواده بين الصفين وجال بجواده بين الفريقين وطلب البراز فلم يجبه أحد وقالوا أخرجوا غيره منكم فقال ويلكم ها أنا رجل واحد من العرب وكلنا في الحرب سواء فما منهم من فهم كلامه فأقبل عزازير على كلوس وقال أليس الملك قد قدمك علي جيشه وبعثك إلى قتال العرب فدونك حام عن بلدك ورعيتك فقال كلوس أنت أحق مني بذلك لأنك أقدم مني وقد عزمت أنك لا تخرج الا باذن الملك هرقل فما بالك لا تخرج إلى قتال أمير العرب فقال لهما العساكر تقارعا فمن وقعت عليه القرعة فلينزل إلى قتال أمير العرب فقال كلوس لا بل نحمل جميعا فهو أهيب لنا قال وخاف كلوس أن يبلغ الملك ذلك فيطرده من عنده أو يقتله قال فتقارعا فوقعت القرعة على كلوس فقال عزازير اخرج وبين شجاعتك فقال كلوس لأصحابه أريد أن تكون همتكم عندي فان رأيتم مني تقصيرا فاحملوا وخلصوني فقال لأصحابه هذا كلام عاجز لا يفلح أبدا فقال يا قوم ان الرجل بدوي ولغته غير لغتي فخرج معه رجل أسمه جرجيس وقال له أنا أترجم لك فسار معه فقال كلوس اعلم يا جرجيس ان هذا رجل ذو شجاعة فان رأيته غلبني فاحمل أنت عليه حتى نقضي يومنا معه ويخرج له غدا عزازير فيقتله ونستريح منه وأتخذك أنا صديقي فقال له ما أنا أهل حرب وانما أخوفه بالكلام قال فسكت وسارا حتى قربا من خالد فنظر اليهما قال فهم أن يخرج اليهما رافع بن عميرة فصاح فيه خالد قال مكانك لا تبرح فاني كفء لهما فلما دنوا من خالد قال كلوس لصاحبه قل له من أنت وما تريد وخوفه من سطواتنا فقرب جرجيس من خالد قال له يا أخا العرب أنا اضرب لك مثلا ان مثلكم ومثلنا كمثل رجل له غنم فسلمها إلى راع وكان الراعي قليل الجرأة على الوحوش فأقبل عليه سبع عظيم فجعل يلتقط منه كل ليلة رأسا إلى أن انقضت الأغنام والسبع ضار عليها ولم يجد له مانعا عنها فلما نظر صاحب الغنم ما حل بغنمه علم أنه لم يؤت الا من الراعي فانتدب لغنمه غلاما نجيبا فسلمه الغنم فكان كل ليلة يكثر الطوفان حول الغنم فبينما الغلام كذلك إذ أقبل عليه السبع على عادته الأصلية واخترق الغنم فهجم الغلام على السبع وبيده منجل فضربه فقتله ولم يقرب الغنم وحش بعدها وكذلك
(٣٥)