فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٦١
ثم سلم عليهما وولى فركضا مطيهما وسارا وإذا بالخيل قد أشرفت والإبل قد أقبلت تتبع هلال بن بدر ارسالا يتبع بعضها بعضا إلى أن لحقوه فأخبرهم بقصة صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرحوا بذلك وساروا يريدون الشام وأما عبد الله بن قرط وجعدة بن جبير فإنهما وصلا المدينة ودخلا المسجد وسلما على عمر بن الخطاب وعلى المسلمين ودفعا له الكتاب فلما قرأه استبشر ورفع كفيه إلى السماء وقال اللهم اكف الناس شر كل ذي شر ثم امر مناديا في الناس الصلاة جامعة فلما اجتمع الناس قرا عليهم كتاب أبي عبيدة فلما قرأه قدم عليه من حضرموت وأقاصي اليمن من همدان ومدان وسبا ومارب يسألونه أن ينفذهم إلى الشام فقال لهم عمر في كم أنتم بارك الله فيكم قالوا نحن زهاء من أربعمائة فارس وثلاثمائة مطية مردفين ومعنا أناس يمشون على أقدامهم لا ركاب لهم فإن كان عند أمير المؤمنين ما يحملهم عليه حتى نصل إلى عدونا فقال لهم عمر وكم يبلغ الرجال الذين معكم قالوا أربعين ومائة رجل فقال لهم عرب أو موال قالوا عرب وموال أذن لهم ساداتهم في الجهاد والمسير إلى الأعداء فعندها دعا عمر بعبد الله ابنه رضي الله عنه وقال أمض إلى مال الصدقات فأت القوم بسبعين راحلة ليعتقبوا عليها ويحملوا زادهم وميرتهم على ظهورها فأسرع عبد الله بن عمر وأتى بسبعين بعيرا وسلمها إليهم وقال لهم جدوا رحمكم الله إلى اخوانكم المسلمين واسرعوا إلى حرب عدوكم ثم كتب إلى أبي عبيدة اما بعد فقد ورد علي كتابك مع رسلك فسرني ما سمعت من الفتح والنصر على أعدائكم ومن قتل من الشهداء وأما ما ذكرته من انصرافك إلى البلاد التي بين حلب وأنطاكية وتترك القلعة ومن فيها فهذا رأي غير صواب تترك رجلا قد دنوت من دياره وملكت مدينته ثم ترحل فيبلغ إلى جميع النواحي أنك لم تقدر عليه ولم تصل اليه فيضعف ذكرك ويعلو ذكره ويطمع من يطمع ويجترىء عليك أجناد الروم خاصتهم وعامتهم وترجع اليه الجواسيس وتكاتب ملوكها في أمرك فإياك ان تبرح عن مجاهدته حتى يقتله الله أو يسلم إليك إن شاء الله تعالى أو يحكم الله وهو خير الحاكمين وبث الخيل في السهل والوعر والضيق والسعة وأكناف الجبال والأودية وشن الغارات في حدود المفازات ومن صالحكم منهم فاقبل صلحه ومن سالمك فسالمه والله خليفتي عليك وعلى المسلمين وقد أنقذت كتابي إليك ومعه عصبة من حضرموت وغيرهم وأهل مشايخ اليمن ممن وهب نفسه لله تعالى ورغب في الجهاد في سبيل الله وهم عرب وموال فرسان ورجال والمدد يأتيك متواترا إن شاء الله تعالى والسلام وختم الكتاب وسلمه لعبد الله بن قرط وجعدة وجعل القوم يجدون في سيرهم ومع ذلك يسألون عبد الله بن قرط وصاحبه عن بلاد الشام وفتح البلاد وقتل الروم إلى أن سألوهما عن مستقر العسكر فقال لهم عبد الله ان جميع المسلمين وأميرهم محاصرون بقلعة حلب وفيها عظيم من عظماء الروم ومعه أعلاج من أصحابه وقد تحصنوا في رأس قلعته فقالوا له يا ابن قرط ما لهؤلاء لا يدخلون في جملة من صالح من أصحابهم فقال لهم يا معاشر
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»