فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٥٨
واثق بالله ثم بك مع اني أستخير الله في أموري سر على بركة الله تعالى وخذ معك من المسلمين من أردت لعلك أن تقفوا القوم وتعاني موضع اثر الوقعة وتتبع آثارهم عسى الله أن يوقعنا بهم واطلبهم أينما كانوا وحيث ساروا لعلك تأخذ بثأر المسلمين وأعلم اننا صالحنا أهل الوادي واننا لا ننقض عهدنا ولا نحول عن قولنا الا ان يكون القوم قد مكروا بنا فنجد إلى قتالهم سبيلا فاتق الله فيهم سر يرحمك الله قال فأسرع خالد إلى خيمته ولبس سلاحه واستوى على متن جواده وهم بالمسير وحده فقال له أبو عبيدة إلى أين يا أبا سليمان قال له اسارع إلى ما أمرتني به فقال له خذ من أردت معك من المسلمين فقال خالد أنا أمضي وحدي وما أريد أحدا فقال له أبو عبيدة كيف تمضي وحدك وعدوك في عدد كثير قال خالد لو كانوا في ألف أو ألفين ألقاهم بمعونة الله تعالى فقال له أبو عبيدة انك كذلك ولكن خذ معك رجالا قال فاخذ ضرارا وأمثاله وسار حتى أتى إلى موضع الوقعة فرأى القتلى مطروحين ورأى حولهم أهل الوادي وهم يبكون خوفا من المسلمين على أنفسهم وذراريهم وان العرب تطالبهم بهم فلما طلع عليهم خالد ومن معه كأنهم شعلة نار تصارخ القوم في وجهه والقوا أنفسهم بين يديه فقال لهم خالد من هؤلاء القوم الذين قتلوا أصحابنا قالوا أنا نحن بريئون من دماء أصحابكم ونحن في صلحكم فاستحلفهم خالد انهم لا يعلمون من قتلهم فحلفوا له فقال لهم من الذي أوقع بأصحابي فقالوا بطريق بعثه يوقنا من القلعة ومعه ألف فارس من أشد قومه وان لهم في عسكركم عيونا يخبرونه بما أنتم فيه كل ساعة فقال لهم وفي أي طريق قصدوا قالوا في هذا الطريق فقال خالد أو ما حلفتم ان ما عندكم علم بهم قالوا هذا الذي يخبرك من أهل حلب قد أتى يشتري طعاما ولولا انك أقبلت في هذه الساعة ما كنا عرفنا من قتلهم فقال له خالد أعلى هذا الطريق اخذوا فقال له الرجل نعم ورأيتهم يطلبون الجبل فقال خالد لأصحابه ان القوم علموا انهم لا بد لهم من خيل تطلبهم وتتبعهم وقد عدلوا عن طريقنا حتى إذا هجم عليهم الليل رجعوا إلى قلعتهم فعولوا على المسير في طلبهم ثم إنهم ارخوا الأعنة وخالد يقدمهم وقد أخذ معه رجالا من المعاهدين يقفون بهم اثر الطريق والقوم فلما حصلوا على الطريق قال خالد لواحد من المعاهدين ألهم طريق إلى قلعتهم غير هذا قال نعم ولكن كن ههنا فإنك تفوز بهم إن شاء الله تعالى فنزل خالد ومن معه في الوادي وهم يرقبون الطريق فما مضى من الليل الا قليل إذ سمع وقع حوافر الخيل والبطريق أمامهم والخيل من ورائه وهو يزجرهم ويحثهم على المسير فلما توسطوهم صاح خالد صيحة شديدة ووثب خالد كأنه الأسد وخرج عليهم هو وأصحابه فما كان قصد خالد غير البطريق وظن أنه يوقنا فضربه ضربة رماه نصفين وقد وضعوا السيف فيهم وجعلوا يطلبونهم وهم في الهرب فلم ينج منهم الا من أطال الله أجله وحازوا جميع ما معهم وأتوا برأس البطريق إلى أبي عبيدة على رأس رمح فوجدوه
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»