جوانبها وقد أيس أهل حلب من نفوسهم وإذا بالفرج وقد أتى والمعونة وقد أدركتهم وأشرفت عليهم رايات المسلمين وأبطال الموحدين وهم ينادون بكلمة التوحيد ويقدمهم خالد بن الوليد فلما نظر خالد إلى أهل حلب ولهم ضجيج بالصياح والبكاء قال لأبي عبيدة أيها الأمير هلك والله أهل صلحك وذمامك كما ذكرت فصاح بجواده وحملة الراية وزعق في القوم وقال أفرجوا معاشر الاعلاج عن أهل صلحنا ثم أجاد فيهم الطعن وحمل المسلمون معه وبذلوا السيف في الاعلاج فلما نظر يوقنا إلى ذلك انهزم إلى القلعة ومعه بطارقته قال محصن بن عترة فرج الله عن أهل البلد بقتل الاعلاج يوم حلب في البلد فمن لجأ إلى القلعة سلم ومن طلب الهرب قتلناه قال محصن فكان جملة من قتل يوقنا من أهل صلحنا ثلاثمائة وقتلنا نحن من أصحابه ثلاثة آلاف أو يزيدون فكانت وقعة عجيبة ففرح المسلمون بها فلما قتل من قتل وفرج الله عن أهل حلب ما يجدون أخبروا أبا عبيدة كيف قتل يوقنا أخاه يوحنا وبالقصة جميعها قال الواقدي فلما سمع يوقنا سيوف المسلمين صعد القلعة هو ومن معه من جنده واستعد للحصار ونصب المجانيق ونشر السلاح على الاسوار وكثر آلة الحصار وأما أهل حلب فإنهم أخرجوا لعساكر المسلمين أربعين أسيرا من البطارقة فقال لهم أبو عبيدة لأي سبب أسرتم هؤلاء قالوا لأنهم من أصحاب يوقنا هربوا الينا فلم نر أن نخفيهم منك لأنهم ليسوا منا ولا معنا في الصلح قال فعرض عليهم الاسلام فأسلم منهم سبعة وأما الباقون فأبوا فضرب رقابهم وقال لهم لقد نصحتم في صلحكم وسترون منا ما يسركم وصار لكم ما لنا وعليكم ما علينا وهذا بطريقكم قد تحصن في هذه القلعة فهل تعرفون لها عورة تدلونا عليها حتى نقاتلهم منها فان فتحها الله 8 علينا جعلناها لكم غنيمة مع ما غنمتم من قومكم حتى نكافئكم بفعلكم الجميل فقالوا أيها الأمير والله ما نعرف لها عورة وان يوقنا قد شحن طرقاتها وقطع مسالكها ووعر فجاجها وهذا ما نعلمه ولولا أنه قتل يوحنا لكان أخذها سهلا لكم فقال أبو عبيدة وما جرى له فأخبروه بخبره وحديثه مع أخيه وانه أسلم بعدما رفع يديه إلى السماء وما ندري ما قال غير اننا سمعنا طرف كلامه وهو يقول اللهم إني أشهد أن لا إله إلا أنت وأن عيسى عبدك ورسولك ومحمدا عبد ورسولك ختمت به الأنبياء وجعلته سيد المرسلين ولا دين أعلى من دينه فاصنع ما أنت صانع فلما اسلم قتله قال فلما سمع أبو عبيدة ذلك قال في أي موضع قتله ثم وثب وأخذ خالدا معه وجماعة من المسلمين وأتوا إلى موضع قتله وهو راس سوق الساعة فوجده ملقى على ظهره وكأنه البدر ليلة تمامه مشيرا بأصبعه إلى السماء وقد مات وأصبعه قائمة فأخذه أبو عبيدة وكفنه وصلى عليه ودفنه في مقام إبراهيم فلما واروه أتى إلى أبي عبيدة رجل من المسلمين فقال أصلح الله الأمير انظر إلى هؤلاء القوم فان كانوا من حزبنا نصحوا ودلونا على عورات قومهم فقال لا والله ما يفعلون ذلك أبدا فعندها اقبل أبو عبيدة على المسلمين وقال
(٢٥٤)