المسلمين ورأوهم فلما نظروا إلى ذلك عاد فرحهم ترحا واسترجعوا وقالوا لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون وسأل كعبا كيف قتل أصحابك هؤلاء ومن قتلهم فأخبره كعب بقتال يوقنا وانه أشرف هو وقومه ومن كان معه على الهلاك حتى لم يبق فيهم حركة ونمنا ليلتنا هذه فلما أصبحنا وإذا هم قد صاحوا وانقلبوا راجعين عنا من غير قتال فقال أبو عبيدة فسبحان مسبب الأسباب ليت أبا عبيدة قتل أمامهم ولم يقتلوا تحت رايته ثم أمر بدفن المسلمين بعدما جمعهم زمرا زمرا وصلى عليهم ودفنوهم باسلابهم ودمائهم ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحشر الله الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله يوم القيامة ودماؤهم على أجسادهم اللون لون الدم والريح ريح المسك والنور يتلألا عليهم ويدخلون الجنة فلما واروهم في حفرهم قال لخالد ان كان عدو الله يوقنا رجع إلى القوم وعلم بصلحهم لنا فيلقون منه تعبا عظيما فألحق بهم فقد وجب علينا أن نذب عنهم لأنهم تحت ذمتنا وارتحل أبو عبيدة يريد حلب فلما وصل إليها رأى البطريق وجنوده قد أحدقوا بأهل البلد وهم يريدون قتلهم ويقال لهم يا ويلكم صالحتم العرب عن أنفسكم وصرتم عونا لهم علينا قالوا قد فعلنا ذلك وانهم قوم منصورون فقال يا ويلكم ان المسيح لا يرضى بفعلكم فوحق المسيح لأقتلنكم عن آخركم أو تخرجون معي إلى قتالهم وتنقضون ما بينكم وبينهم من العهد والميثاق فأخبروني بمن بدأ بهذا الامر حتى أبدا به قال فلم يطيعوه على ذلك فقال لعبيده ادخلوا عليهم وأئتوني بهم لأقتلنهم فقد أخبرني فلان أنه لقيهم وعرفني بهم فهجم العبيد عليهم وجعلوا يقتلونهم على فرشهم وأبواب منازلهم فسمع أخوه يوحنا الضجة في البلد وهم في القلعة فنظر إلى أخيه وهو يقتل في الناس وقد قتل من أهل البلد ثلاثمائة فصاح بهم وبأخيه على رسلك لا تفعل فان المسيح يغضب عليك وقد نهانا أن نقتل عدونا فكيف بمن هو على ديننا فقال يوقنا لأخيه انهم صالحوا العرب عن البلد وصاروا لهم عونا علينا فقال يوحنا وحق المسيح لا أبقت عليك العرب أبدا وان لهم من يقتص منك قال ومن يقتص مني قال المسيح يقتلك كما قتلتهم بغير ذنب فقال يوقنا أنت حملتهم على ذلك وأنت أول من أبطش به ثم عمد إلى أخيه وقبض عليه وجرد سيفه ليعلوه به فلما نظر يوحنا إلى أخيه وقد جرد سيفه وعلم أنه هالك رفع رأسه إلى السماء وقال اللهم أشهد على أني مسلم واني مخالف لدين هؤلاء القوم وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ثم قال لأخيه اصنع ما أنت صانع فان كنت قاتلي فاني صائر إلى جنات النعيم فورد على يوقنا من اسلام أخيه مورد عظيم ومن أهل بلده ومن فزعه من المسلمين فحمله الغيظ على أن يرمي برأس أخيه عن جسده والتفت إلى أهل البلد فوجدهم يستغيثون فلا يغاثون ويسألونه فلا يجيبهم ولا يكف عنهم فكثر منهم الضجيج وعلت الجلبة وقد أخذوا عليهم البلد من سائر
(٢٥٣)