بصيرة ولا بملاقاة الرجال خبرة وأما أنا فملك ابن ملك وليس بيني وبينهم الا الحرب و لا ترى الملوك العجز ويلك كيف نسلم ملكنا العرب ونعطيهم القياد من أنفسنا من غير حرب ولا قتال قال فلما سمع يوحنا ذلك من أخيه تبسم من كلامه وتعجب كل العجب وقال يا أخي وحق المسيح ان أجلك قد اقترب لأنك صاحب بغي تحب سفك الدماء وقتل النفس وما أظن جموعك أكثر من جموع الملك هرقل التي جمعها باليرموك مع ماهان ويوم أجنادين وهؤلاء القوم قد أيدهم الله علينا فاتق الله ولا تسع في قتل نفسك فلما سمع يوقنا كلام أخيه داخله الغضب وقال له قد أكثرت وأطلت في مدحك العرب واني لست كمن لا قوه من هذه الجموع التي ذكرتها ولا أقاس بهم ومع ذلك اعلم أن كل من ذكرت من أهل المدن وغيرها أسلم بلده عنوة أو صلحا قبل ان يقاتل بلا عذر في القتال ويبذل المجهود عن نفسه وانما جمعت الأموال من قبل إلى الآن لادفع بها الأذى عن نفسي واني مجمع على قتال العرب ومحاربتهم فان أظفرني الصليب بهم وأعانني المسيح عليهم طلبت العرب إلى أن أدخل خلفهم الحجاز وأسود على سائر الملوك وأرجع إلى الشام ملكا فلا يقدر هرقل أن ينازعني وان هزمتني العرب طلعت إلى قلعتي هذه ولزمتها فاني قد عبيت فيها من الزاد والأطعمة ما يكفيني طول دهري وأكون فيها عزيزا إلى أن أموت ولا ألقي يدي إلى العرب ولا ابذل أموالي من غير طلب فلا تعارضني في شيء من أمر العرب ولا تدعني إلى الصلح والا بطشت بك قبلهم قال الواقدي واحتوى الشيطان على قلب يوقنا وقد سولت له نفسه العمل فلما سمع يوحنا من أخيه يوقنا هذا المقال قال له كلامك علي حرام أبدا حتى ترجع إلى رأيي ونعود إلى قولي ثم قام عنه مغضبا فلما كان من الغد جمع يوقنا اليه جميع من التجأ اليه من العسكر من الأرمن والمتنصرة وغيرهم وعرضهم على نفسه فمن أراد سلاحا أعطاه وفرق فيهم الأموال وجعل يهون العرب عليهم ويقول انما هم قليل ونحن أكثر منهم لان جموعهم قد تفرقت منها جماعة على قيسارية ومنهم من توجه إلى مصر قال الواقدي وعزم على قتال أبي عبيدة قبل أن يصل اليه والى بلده ثم عمد إلى بطريق من بطارقته يقال له كراكس وضم اليه ألف فارس ووكله بحفظ بلده وسار يوقنا بمن معه يريد أن يلقي جيش أبي عبيدة والمسلمين هو وقومه في اثني عشر ألف مدرع غير من كان معه بغير درع ونشرت أمامه الاعلام والصلبان وكان فيها صليب من الذهب والجوهر ومن حوله الف غلام عليهم ثياب الديباج المنسوج بالذهب قال ابن ثعلبة الكندي فأقام أبو عبيدة على مدينة قنسرين بعد أن فتحها بالصلح وبعد أن اتاه يزيد بكتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمره أن يبعث إلى يزيد بن أبي سفيان طائفة من جيشه فبعث له بثلاثة آلاف فارس لابسين السلاح الكامل وعول أبو عبيدة على المسير إلى حلب فدعا برجل من بني ضمرة وكان بطلا مجربا بشدة البأس وكان إذا
(٢٤٧)