فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٩٢
خالد ابن الوليد رضي الله عنه سأولي أمرهم رجالا لا يؤتي المسلمون من قبلهم ثم نادى بهاشم بن عتبة ابن أبي وقاص وقال له ولاك الأمير على الرجالة فقال أبو عبيدة رضي الله عنه انزل يا هاشم وكن معهم رحمك الله وأنا أوافقك قال الواقدي ورتب أبو عبيدة صفوف المسلمين وعبأهم قال خالد بن الوليد رضي الله عنه ابعث الآن إلى أصحاب الرايات وقل لهم يسمعوا مني فدعا أبو عبيدة رضي الله عنه بالضحاك بن قيس وقال له يا بن قيس اسرع إلى أصحاب الرايات وقل لهم ان الأمير أبا عبيدة يأمركم أن تسمعوا لخالد وتطيعوا أمره ففعل الضحاك ذلك وجعل يدور على أصحاب الرايات حتى انتهى إلى معاذ بن جبل وقال له مثل ذلك قال معاذ بن جبل سمعا وطاعة ثم اقبل معاذ على الناس وقال أما انكم قد أمرتم بطاعة رجل ميمون الغرة مبارك الطلعة فان أمركم بأمر فلا تخالفوه فيما يأمركم به فما يريد غير صلاح المسلمين والاجر من رب العالمين قال فقلت لمعاذ بن جبل أنك لتقول في خالد قولا عظيما فقال ما أقول إلا ما قد عرفته فالله رده وقال الضحاك فرجعت إلى خالد وأخبرته بما تكلم به معاذ بن جبل وبما أثنى به عليه فأثنى وقال هو أخي في الله تعالى ولقد سبقت له ولأصحابه سوابق لا يفعلها خالد بن الوليد فمن يناله قال الضحاك فرجعت إلى معاذ بن جبل وأخبرته بما قال خالد وبما أثنى به عليه وما ذكره من أمره وبما أورده من علي شأنه فقال معاذ والله إني أحبه في الله تعالى وأرجو من الله ان يكون قد اثابه بحسن نيته ونصيحته للمسلمين قال الواقدي فلما وصى الضحاك بن قيس أصحاب الرايات بقول أبي عبيدة بالطاعة لخالد بن الوليد رضي الله عنه جعل خالد يسير بين الصفوف ويقف على كل راية ويقول يا أهل الاسلام ان الصبر قد عزم إن شاء الله تعالى على صحبتكم والفشل والجبن سببان من أسباب الخذلان فمن صبر كان حقا على الله نصره على عدوه لان الله معه ومن صبر على حد السيوف فإنه إذا قدم على الله تعالى أكرم منزلته وشكر له فعله وسعيه الله يحب الشاكرين قال وما زال خالد رضي الله عنه يقول هذا الكلام لأهل كل راية حتى مر بجماعة الناس ثم إن خالدا جمع اليه خيل المسلمين من أهل الشدة والصبر ومن شهد معه الزحف فقسمهم أربعة أرباع فجعل على أحدهم قيس بن هبيرة المرادي وقال له أنت فارس العرب فكن على هذه الخيل واصنع كما أصنع وجعل على الربع الآخر ميسرة بن مسروق العبسي وأوصاه بمثل ذلك ودعا عامر بن الطفيل على الربع الثالث وأوصاه بمثل ذلك ووقف خالد مع عسكر الزحف قال الواقدي فلم تطلع الشمس الا وقد فرغوا من تعبية صفوفهم للحرب وأما ماهان الأرمني فإنه أمر الروم بالزينة والأهبة للحرب ففعلوا ذلك الا ان المسلمين كانوا اسرع في التعبية قال وزحف الروم إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظر الروم
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»