فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٩١
ماهان ليطلق لنا أصحابنا الا فزعا من سيوفنا فقال أبو عبيدة حين سمع ما مر لخالد ولماهان من الخطاب والجدال هذا رجل حكيم الا أن الشيطان غلب على عقله فعلام افترقتم قال على أننا نلتقي معهم ويعطي الله النصر لمن يشاء فلما سمع أبو عبيدة رضي الله عنه ذلك جمع عظماء المسلمين وقام فيهم خطيبا فحمد الله تعالى وأثنى عليه وذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرهم ان العدو يصبحهم بالقتال في غداة غد وأمرهم بالاهبة وأقبل فرسان المسلمين يحرض بعضهم بعضا وأقبل خالد على أصحابه وهم عسكر الزحف وقال لهم علموا أن هؤلاء الكفرة الذين نصركم الله عليهم في المواطن الكثيرة قد حشدوا لكم جموع بلادهم واني دخلت إلى عسكرهم ونظرت إليهم فكأنهم النمل ولكنهم أصحاب عدة بلا قلوب ولا لهم من ينصرهم عليكم وهذه الوقعة بيننا وبينهم وقد أيقنا أن القتال في غداة غد وأنتم أهل البأس والشدة فما عندكم رحمكم الله تعالى قال فتكلم أصحاب خالد وقالوا أيها الأمير القتال بغيتنا والقتل في سبيل الله تعالى مسرتنا ولا نزال نصبر لهم على الحرب والطعن والضرب حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ففرح خالد بقولهم وقال لهم وفقكم الله تعالى وأرشدكم قال الواقدي فلم يبق أحد منهم تلك الليلة الا وقد أخذ عدته واهبته واستعد بآلة الحرب والقتال وباتوا فرحين بالجهاد والثواب وخائفين من العقاب فلما أصبح القوم ولاج الفجر أذن المؤذنون في عسكر المسلمين حتى ارتفعت لهم جلبة عظيمة بالتوحيد واسبفوا الوضوء لصلاتهم خلف أبي عبيدة فلما صلوا ركبوا خيولهم إلى قتال عدوهم وعبوا صفوفهم للقتال وكانوا ثلاثة صفوف متلاصقة أول الصف لا يرى آخره وأقبل خالد بن الوليد على أبي عبيدة رضي الله عنه وقال أيها الأمير من تجعل في الميسرة قال كنانة بن مبارك الكناني أو قال عمرو بن معد يكرب الزبيدي والله أعلم أيهما كان فولاه الميسرة وأمره أن يكون مكانه في الميسرة ففعل وضم إلى كنانة قيسا قال فسار لما أمره أبو عبيدة رضي الله عنه قال الواقدي حدثني فضالة بن عامر قال حدثني موسى بن عوف عن جده يوسف بن معن قال كان هذا الغلام كنانة عارفا بالحرب صاحب شجاعة وغارة وقد ذكر انه كان من شجاعته وشدة فراسته أنه كان يخرج من حي قومه بني كنانة وحده ويسير حتى يأتي احياء العرب المعادين له فإذا أشرف عليهم صرخ بهم وانتمى باسمه فتثور الرجال على أعناق الخيل فلا يزال يقاتلهم ويقاتلونه فان ظفر بهم كان مراده وأن رأى منهم غلبة وعظم عليه أمرهم نزل عن جواده وسعى بين أيديهم فلا يلحقون منه الا الغبار قال الراوي لما ولاه أبو عبيدة رضي الله عنه وقف حيث أمره والتفت أبو عبيدة إلى خالد وقال يا أبا سليمان قد وليتك على الخيل والرجل فول أمر الرجالة من شئت فقال
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»