صغيرهم ولا تؤثر قويهم ولا تتبع سواك ولا تسلك بهم المفاوز واقطع بهم السهل ولا ترقد بهم على جادة الطريق والله تعالى خليفتي عليك وعلى من معك من المسلمين فقال له علي بن أبي طالب كرم الله وجهه اسمع وصية امامك أمير المؤمنين الذي ختم الله تعالى به الأربعين وسميت به الأمة مؤمنين وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تطيعوه تهتدوا وترشدوا فسر يا سعيد وإذا وصلت إلى أبي عبيدة والتقى بكم الجيش الذي لا تلقون مثله وصعب عليكم أمره فاكتبوا إلى أمير المؤمنين عمر حتى يوجهني إليكم حتى أقلب أرض الشام على من فيها من المشركين إن شاء الله تعالى قال فسار بن عامر وهو يقول * نسير بجيش من رجال أعزة * على كل عجعاج من الخيل يصبر * إلى شبل جراح وصحب نبينا * لننصره والله للدين ينصر * على كل كفار لعين معاند * تراه على الصلبان بالله يكفر * قال وسار يجد السير قال سعيد بن عامر وكنت عارفا ببلاد الشام وطرقه وكنت أسير اليه في السنة مرة أو مرتين عسفا من غير جادة طريق أسير على الكواكب فلما سرت من المدينة وأنا بين يدي المسلمين سلكت بهم على طريق بصرى فضللت عن الطريق وعدلت عن الجادة وأنا محترز من العدو وخائف على المسلمين فجعلت أحيد عن العمارات وأسلك الفلاة توفيقا من الله واكراما ولطفا بعباده المؤمنين فلما ضللت أشكل علي الطريق كأني ما سلكته يوما قط فوقفت حائرا حتى تلاحق بي المسلمون فلم أعلمهم بأمري ولا أني ضللت عن الطريق وأنا أقول لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فسرت يومين وليلتين وأنا أتيه بالناس والمسلمون يسألونني عن ذلك وأنا أقول لهم أني على طريق فلما كان في اليوم العاشر من مسيرنا من المدينة لاح لي جبل عظيم فنظرت اليه وحققته فلم أعرفه فقلت غررت والله بالمسلمين وأنا أقول في نفسي أترى هذا جبل بعلبك وقد سهل علينا الطريق وكان الجبل قد لاح لنا من بعيد من أول النهار وما أدركناه الا والليل قد أقبل فلما صرنا بقربه اعترضنا واد عظيم فيه شجرة عظيمة كبيرة قال فلما تأملت الشجرة عرفتها وقلت لأصحابي أبشروا فقد وصلنا إلى بلاد الشام وفتح المسلمين ودخلنا الوادي وإذا به وعر ليس فيه جادة ولا طريق فلحق المسلمين من هوله تعب عظيم قال سعيد بن عامر وكان أكثر المسلمين رجالة وانما كان يحمل بعضهم بعضا ويتعقبون على ظهور الخيل والإبل فلما نظرت المسلمون إلى وحشة ذلك الوادي ووعورة مسلكه قالوا يا سعيد إنا نظنك أنك قد أخطأت الطريق وسلكت بنا غير طريقنا فأرحنا في هذا الوادي قليلا فقد أضر بنا المسير قال فأجبتهم إلى ذلك وكان في الوادي عين ماء غزيرة فنزل المسلمون عليها فشربوا وسقوا خيلهم وابلهم ورعت الخيل والجمال ورق الشجر ونام أكثر الناس وبعضهم يصلي على محمد قال سعيد بن عامر وكنت جلست في
(١٨١)