من غمده وفعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كفعله وهو يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وجردوا سيوفهم وهاجوا كالجمال أو كالسباع الضواري واستقتلوا وأيقنوا بالشهادة في ذلك المكان قال الشيخ أبو عبد الله محمد الواقدي مؤلف هذا الكتاب والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ما اعتمدت في أخبار هذه الفتوح الا الصدق وما نقلت أحاديثها الا عن ثقات وعن قاعدة الحق لاثبت فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهادهم حتى أرغم بذلك أهل الرفض الخارجين عن السنة والفرض إذ لولاهم بمشيئة الله لم تكن البلاد للمسلمين وما انتشر علم هذا الدين فلله درهم لقد جاهدوا في الله حق جهاده ونصروا دينه وثبتوا للقاء الأعداء وبذلوا جهدهم ونصروا الدين حتى زحزحوا الكفر عن سريره وتقهقر لا جرم وقد قال فيهم الملك المقتدر * (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر) * قال الواقدي حدثني مسلم بن عبد الحميد عن جده رافع بن مازن قال كنت مع خالد يوم سرنا إلى ماهان وكنا في سرادقة فلما جذبنا السيوف وهممنا بالقوم وما في أعيننا من جيوش الروم شيء وقد أيقنا بالحشر من ذلك الموضع قال الواقدي فلما رأى ماهان الحقيقة منا ومن خالد وتبين الموت في شفار سيوفنا نادى ماهان مهلا يا خالد لا تكن بهذه العجلة تهلك وأنا أعلم انك ما قلت ذلك القول الا انك رسول والرسول يحمل ولا يقتل وأنا انما تكلمت بما تكلمت لاختبركم وانظر ما عندكم والآن فما أواخذك فارجع إلى عسكرك واعزم على القتال حتى يعطي الله تعالى النصر لمن يشاء فلما سمع ذلك أغمد سيفه وقال يا ماهان ما تصنع في هؤلاء الاسرى فقال ماهان أطلقهم كرامة لك وأخلي سبيلهم فيكونون عونا لك ولن تعجزونا في الحرب غدا ففرح خالد بذلك وأمر ماهان بتخلية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاطلقوا من وثاقهم وهم خالد بالمسير فقال ماهان يا خالد اني كنت أحب أن يصلح الامر بيني وبينكم واني أسألك حاجة فقال خالد سل ما تريده فقال أن قبتك هذه الحمراء قد أعجبتني واني أريد أن تهبها لي وانظر في عسكري ما أعجبك من شيء فأهبه لك فقال خالد والله لقد فرحتني إذ طلبت ما أملكه وهي موهوبة لك وأما ما عرضت علي من عسكرك فلا حاجة لي فيه فقال ماهان لله درك أنت تكرمت وأجملت فقال خالد رضي الله عنه وأنت أيضا قد تكرمت علينا بما صنعت من اطلاق أصحابي من الأسر ثم انثنى خارجا من عند ماهان وأصحابه من حوله وقدم له جواده فركبه وركب أصحابه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر ماهان أصحابه وحجابه أن يسيروا معهم حتى يبلغوهم قال ففعل القوم ذلك ووصل خالد وأصحابه إلى الأمير أبي عبيدة رضي الله عنهم أجمعين وسلموا عليه وفرح المسلمون بخلاص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث خالد أبا عبيدة بكل ما جرى لهم ثم قال خالد وحق المنبر والروضة ما كان
(١٩٠)