وقد اصفر وجه ماهان وسكت كأنه اخرس فاستخبروا ماهان عما حدثه البطريق فلم يخبرهم قال فحدث من رأى ذلك أنه سأل جبلة بن الأيهم فقال لما أخبر ماهان بخبر الثلاثة وفيهم البطريق الأول قال ماهان انهم منصورون عليكم فقال له البطريق في اذنه أيها الملك الحق ما قلت أعلم اني رأيت البارحة في منامي كأن رجالا نزلوا من السماء إلى الأرض وهم على دواب بلق وشهب وعليهم كامل السلاح واحدقوا بهؤلاء العرب ونحن قيام بإزائهم لا يخرج أحد من عسكرنا الا قتلوه حتى أتوا على أكثرنا وأظن أنهم هؤلاء الذين نراهم في اليقظة لان واحدا منهم قتل ثلاثة منا وما هم الا منصورون علينا من السماء قال فكسر بهاذا قلب ماهان فلم يرد جوابا فاجتمع القوم يسألونه عما قاله البطريق فلم يخبرهم فلما أكثروا عليه السؤال تكلم فيهم كالخطيب وقال يا أهل هذا الدين انكم ان لم تقاتلوا كنتم من الخاسرين وغضب عليكم المسيح وان الله عز وجل لم يزل لدينكم ناصرا ومظهرا وان لله الحجة عليكم إذ بعث فيكم رسولا وانزل عليه كتابا ولم يتبع رسولكم الدنيا وأمركم أن لا تتبعوها وفي كتابه لا تظلموا فإنه لا يحب الظلم ولا الظالمين فلما اتبعتم الدنيا وظلمتم وخالفتم نصر اعداؤكم عليكم فما عذركم عند خالقكم وقد تركتم أمر نبيكم وما انزل عليكم في كتاب ربكم وهؤلاء العرب بازائكم يريدون قتل فرسانكم وسبي ذراريكم ونسائكم وأنتم على المعاصي والذنوب ولا تخافون من علام الغيوب فان نزع الله سلطانكم من أيديكم واظهر عدوكم عليكم فذلك بحق منه وعدل لأنكم لا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر قال الواقدي وكان ماهان لما سمع كلام البطريق الذي رآه في المنام أمره ان يكتمه واما قيس بن هبيرة وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق فاخذا سلاحهم واسلابهم ورجعا إلى المسلمين فدفعا السلب إلى أبي عبيدة فقال هو لكما ومن قتل فارسا فله سلبه فكذا عهد الينا عمر بن الخطاب فأخذا السلب ووقف قيس في موضعه الذي اقامه خالد فيه ورجع عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق إلى ميدان الحرب فجال بين الصفين وكان قد ركب اشهب البطريق الذي قتله فرآه لا ينبعث تحته كما عهد من خيل العرب فرجع وغيره من تحته بفرس غيره وحمل على ميمنة الروم فشوش صفوفهم وقتل منهم فارسين ورجع فحمل على القلب ثم انثنى على الميسرة فرشق بالسهام فرجع حتى وقف في صدر الجيش وجعل يفزع الروم باسمه ويدعوا إلى البراز فخرج اليه علج من علوج الروم فما جال غير ساعة حتى قتله فخرج اليه آخر فقتله فقال خالد اللهم ارعه بعينك واحفظه فان عبد الرحمن قد اصطفى اليوم الحرب بنفسه ثم إن خالدا صاح به يا عبد الرحمن بحق شيبة أبيك وبيعته الا رجعت إلى مكانك فرجع حين أقسم عليه قال حزام بن غنم قلت لرجل ممن شهد اليرموك أكانت النساء معكم مشاهدات القتال قال نعم إحداهن أسماء بنت أبي بكر زوجة الزبير بن العوام وخولة بنت الأزور ونسيبة بنت كعب وأم أبان زوجة عكرمة بن أبي جهل وعزة
(١٩٦)