فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٨٩
كذلك على شفا حفرة من النار من مات منا مات مشركا وصار إلى النار ومن بقي منا كان كافرا بربه قاطعا لرحمه حتى بعث الله لنا نبيا نعرف حسبه ونسبه هاديا مهديا رسولا نبيا واماما تقيا اظهر الاسلام بدعوته ودحض المشركين بكلمته جاءنا بقرآن مبين وصراط مستقيم ختم الله تعالى به النبيين وأمرنا بعباده رب العالمين نعبده ولا نشرك به شيئا ولا نتخذ من دونه وليا ولا نجعل لربنا صاحبة ولا ولدا لا شريك له ولا ضد ولا ند له ولا نسجد للشمس ولا للقمر ولا للنور ولا للنار ولا للصليب ولا للقربان ولا نسجد الا لله وحده لا شريك له ونقر بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه انزل الله عليه كلامه الذي هدانا به مولانا فاستجبنا له وأطعنا أمره فكان مما أمرنا به ان نجاهد من لا يدين بديننا ولا يقول بقولنا ممن كفر بالله واتخذ معه شريكا جل ربنا وتعالى عن ذلك لا تأخذه سنة ولا نوم فمن اتبعنا كان أخانا وصار له ما لنا وعليه ما علينا ومن أبى الاسلام كانت عليه الجزية يؤديها الينا عن يد وهو صاغر فإذا أداها حقن بها ماله ودمه وولده ومن أبى الاسلام وأن يؤدي الجزية فالسيف حكم بيننا وبينه حتى يقضي الله جل جلاله بحكمه وهو خير الحاكمين ونحن ندعوكم إلى هذه الخصال الثلاث ليس غيرها اما أن تقولوا نشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله أو الجزية في كل عام على كل محتلم من الرجال وليس على من لم يبلغ الحلم جزية ولا على امرأة ولا على راهب منقطع في صومعته قال ماهان فهل بعد قول لا اله الا اله غير هذا فقال خالد نعم أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتحجوا البيت الحرام وتجاهدوا من كفر بالله تعالى وتأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر وتوالوا في الله تعالى وتعادوا في الله فان أبيتم ذلك فالحرب بيننا وبينكم حتى يورث الله أرضه من يشاء والعاقبة للمتقين قال ماهان فافعل ما تشاء فإننا لا نرجع عن ديننا ولا نؤدي الجزية وأما ما ذكرت من أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده فلقد صدقت فإنها لم تكن لنا ولا لكم بل كانت لقوم غيرنا وغيركم فقاتلناهم عليها حتى ملكناها منهم والحرب بيننا وبينكم فابرزوا على اسم الله تعالى فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه ما أنتم بأشهى منا إلى الحرب وكأني بحيوشكم وقد انهزمت والنصر يقدمنا وتساق أنت والحبل في عنقك ذليلا حقيرا وتقدم بين يدي عمر بن الخطاب فيضرب عنقك قال فلما سمع ماهان كلام خالد بن الوليد غضب غضبا شديدا قال فلما نظرت البطارقة والحجاب والهرقلية والقياصرة إلى غضب ماهان هموا بقتل خالد الا انهم صبروا ينظرون امره فقال ماهان لخالد وقد اسشاظ غضبا وحق المسيح لاحضرن أصحابك الخمسة الأسارى وأضربن أعناقهم وأنت تنظر إليهم فقال له خالد اسمع ما أقول لك يا ماهان أنت أقل وأذل وأحقر من ذلك واعلم أن هؤلاء الذين في يدك هم منا ونحن منهم فوحق الدعوة المستجابة وحق بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وخلافة عمر بن الخطاب لئن قتلتهم لأقتلنك بسيفي هذا ويقتل كل رجل منا من قومك بعددهم وزيادة ثم وثب خالد رضي الله عنه من موضعه وانتضى سيفه
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»