فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٠١
والصقالبة ثم عقد لابن أخت الملك صليبا على الإفرنج والهرقلية والقياصرة والير والدوقس وعقد لجبلة بن الأيهم عقدا وضم اليه المتنصرة من لخم وجذام وغسان وضبة وأمره أن يكون على المقدمة وقال أنتم عرب وأعداؤنا عرب والحديد لا يقطعه الا الحديد ثم فرق الاعلام في أجناد عسكره فما انفجر الفجر وبان الصباح وأضاء بنوره ولاح حتى فرغ من تعبية جيوشه وترتيب طلائعه وأمر بمضرب له فضرب على كثيب عال على جانب اليرموك يشرف منه على العسكرين وأوقف عن يمينه ألف فارس عتاة حماة الروم شاكين السلاح وعن يساره كذلك وهم الملكية وأصحاب السرير وأمرهم باليقظة وقال أي كرب يكون على العرب أعظم من هذه فإنكم على تعبية وهم على غير أهبة فإذا طلعت الشمس ورأيتم المسلمين على غير تعبية فاحملوا عليهم من كل جانب ومكان فما هم في عسكرنا الا كالشامة البيضاء في جلد الثور الأسود هكذا سمعت اياد بن غالب الحميري يذكر وكان من المعمرين قال حدثني جواد ابن أسيد السكاسكي عن أبيه أسد بن علقمة فلما انشق الفجر أذن المؤذن وتقدم أبو عبيدة وصلى بالناس وهو لا يعلم بمكيدة ماهان فقرأ في أول ركعة * (والفجر وليال عشر) * حتى قرأ ان ربك لبالمرصاد إذ هتف بهم هاتف وهم في الصلاة وهو يقول ظفرتم بالقوم ورب العزة وما يغني عنهم كيدهم شيئا وما أجرى الله هذه الآية على 2 لسان أميركم الا بشارة لكم فلما سمع المسلمون كلام الهاتف عجبوا مما سمعوا ثم قرأ في الركعة الثانية والشمس وضحاها إلى قوله فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها وإذا بالهاتف يقول تم الفال وصح الزجر وهذه علامة النصر فلما فرغ أبو عبيدة من صلاته قال يا معاشر المسلمين هل سمعتم الهاتف قالوا نعم سمعنا قائلا يقول كذا وكذا فقال أبو عبيدة والله هذا هاتف النصر وبلوغ الامل فأبشروا بنصر الله ومعونته فوالله لينصرنكم الله وليرسلن عليهم سوط عذاب كما أنزل على القرون الأول ثم قال أبو عبيدة معاشر القوم اني رأيت الليلة في منامي رؤيا تدل على النصر على الأعداء والمعونة من الملأ الاعلى فقالوا أصلح الله شأن الأمير فما الذي رايت قال رأيت كأني واقف بإزاء أعدائنا من الروم إذ حف بنا رجال وعليهم ثياب بيض لم أر كهيئتها حسنا لبياضها اشراق ونور يغشى الابصار وعلى رؤوسهم عمائم خضر وبأيديهم رايات صفر وهم على خيول شهب فلما اجتمعوا حولي قالوا تقدموا على عدوكم ولا تهابوهم فإنكم غالبون فان الله ناصركم ثم دعوا برجال منكم وسقوهم بكأس كان معهم فيه شراب وكأني أنظر عسكرنا وقد دخل في عسكر الروم فلما رأونا ولوا بين أيدينا منهزمين فقال رجل من المسلمين أصلحك الله أيها الأمير وأنا رايت الليلة رؤيا فقال أبو عبيدة خيرا تكون إن شاء الله تعالى ما الذي رايت يرحمك الله فقال رأيت كأنا خرجنا نحو عدونا فصاففناهم الحرب وقد انقضت عليهم من السماء
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»